المحرر الثقافي صدرت قبل أيام الطبعة الثانية من كتاب” اغتصاب الذاكرة.. الإستراتيجيات الإسرائيلية لتهويد التاريخ”، للكاتب الصحفي إيهاب الحضري الذي فاز عن هذا الكتاب بجائزة أصدقاء أحمد بهاء الدين، عند صدور طبعته الأولى قبل 15 عاما. صدرت الطبعة الجديدة عن” الفؤاد للنشر والتوزيع”، بتعديلات بسيطة ومقدمة أخرى، حيث يؤكد المؤلف أن المعلومات التوثيقية التي تضمنها الكتاب لا تسقط بالتقادم، لأنها ترصد ممارسات إسرائيل للسطو على تاريخ المنطقة، بهدف إضفاء شرعية مُزيفة على احتلال فلسطين، وعبر فصول العمل يُوثّق الحضري لسرقات الآثار ومحاولات تهويد التاريخ، التي قام بها الكيان الصهيوني، في عدد من البلدان العربية، هى فلسطين، مصر، العراق، سوريا، لبنان، واليمن، فضلا عن عمليات التدمير المتعمدة للكثير من الآثار التي لا تتماشى مع الأحداث التي أوردتها التوراة. وقد استعرض الكتاب عبث الاحتلال بمناطق التراث الحضاري الفلسطينية، ودور الجدار العازل في تدميرها، ومحاولات تهويد القدس، فضلا عن استخدام غطاء البعثات الأثرية في تزييف التاريخ، عبر اكتشافات مزعومة تتلاعب بماضي المنطقة، وهو ما امتد إلى هضبة الجولان المُحتلة، وسيناء خلال احتلالها بعد حرب 1967، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل امتد إلى الأحداث المعاصرة، ويوضح الحضري:” تعامل البعض مع نهب متحف بغداد عام 2003، باعتباره جريمة سرقة قام بها الغوغاء والباحثون عن الثراء السريع، دون أن ينتبه الكثيرون إلى أن الأمر ينطلق من مؤامرة حضارية، فقبل الغزو الأمريكي انطلقت تحذيرات بأن طمس قطع أثرية بعينها قد يكون مُستهدفا، ومن بينها لوحة السبي البابلي، التي تُوثّق إذلال نبوخذ نصر لبني إسرائيل”. في الفصول الثلاثة الأخيرة من الكتاب اعتمد المؤلف على التحليل، حيث أثبت أنه لا يمكن الاعتماد على التوراة كمرجع تاريخي، واستند في ذلك إلى اتجاه علمي رسّخه علماء آثار دوليون، بعد أن كشفوا التناقضات الموجودة في حكايات التوراة، وأكدوا أن الحفائر التي قاموا بها في فلسطين أوضحت عدم دقتها تاريخيا. ثم انطلق إلى تساؤل مهم عن ارتباط الوجود التاريخي بالإسهام الحضاري، رغم تأكيده أن النصوص المصرية القديمة لم تُوثّق لوجود بني إسرائيل على أرضنا، وانتهى إلى إثبات أن بني إسرائيل لم يكونوا مؤثّرين في البلدان التي عاشوا فيها، بل إن معتقداتهم ونصوصهم الدينية تأثرتْ بالحضارات المصرية والفينيقية والبابلية. وفي النهاية لجأ الحضري إلى التشكيك في أسطورتين أساسيتين تُروّج لهما الصهيونية العالمية، وهما” الديانة المُغلقة” و” العرق النقي”، ليؤكد أن يهود عصرنا ليسوا امتدادا طبيعيا لبني إسرائيل القدامى، بل أنهم قاموا بتزييف شجرة العائلة، بهدف الزعم بأنهم الورثة الشرعيون للعبرانيين!