طاهر فى القلب يا سعيد ..
عبر رحلة شعرية شديدة التنوع ساقها الراحل “طاهر البرنبالى ” بلغة متفردة تقطر دم ودموع وعذوبة امتزجت فيها لديه هموم الوطن بأثامه صاغ فى خلالها قصائدة الصادقة بنبل انسانى وضمير متقد ووعى لا ينخدع وروح ثائرة لا تعرف الانهزام كان فيها قلمه هو سلاحه الذى لا يبارى الذى ظل يناضل به ولإجله حتى ارهقت اوجاع الوطن هذا الجسد النحيل فحاصرته الأمراض ولم تتركه إلا وهو صريع مسجى ،وقد وقف الجميع ينتظر مشهد النهاية حين ترجل الفارس من فوق جواده فى مشهد حالك كئيب لم يعبء فيه احد بما آل إليه حال الموهوبين فى هذا الوطن، وبعد مرور عام لازال رحيل البرنبالى المفجع عالق فى الأذهان ولا تزال صورته النقية تسكن القلوب وسيرته الطاهرة تلهم عشاق فنه ومحبيه فيكتب الشاعر الوفى “سعيد شحاتة ” قصيدة من أروع ما كتب فى مرثيات العامية يرثى فيها بمداده الساحر أطهر ما بداخلنا …
عبدالناصر الدشناوى
مانيش عارف أعيّط ليه؟
للشاعر سعيد شحاتة
……………………….
طاهر خلاص ارتاح
… يا قهر واتفسّر
الله يسامح كلّ من قصّر
…………
خلاص قرّرت يا بن الورد تغسل وشّك الطاهر بطمي الأرض
وخطّيت ع الصراط وحدك في عزّ البرد؟
سحبت قصايدك المطليّه بالأوجاع
ولملمت اللي فاضل من عنيك الطيبه وعلّمت ع الأنطاع
رفضت تبيع ف لحظة ما الربيع خانك وغيرك خد نصيبه وباع
خلاص قرّرت
خلاص مرّرت روحك للسما ونوّرت
خلاص حذّرتنا ومرّيت وقلت لهم هناك حذّرت
ما نيش عارف أعيّط ليه؟
عنيا محجرّه بالدمع
كأن رموشي صارت شمع
كأن الجمع غير الجمع والشاعر بلا موضوع
بانادي عليك من الشارع
أكيد الصوت ماهوش مسموع
وقلبي اللي اشتهى يقعد معاك موجوع
ما تقلقشي على المساكين
أكيد هيموتوا بعد كلامك الطيب هناك م الجوع
عشان راضيين يعيشوا بتوع
أكيد كلّ النجوع هتحنّ للدهاليز
مانش عارف أقول لك إيه
لكن عارف أقول إن أنت كنت عزيز
وعارف أقول لأصحابي الكلام الحلو بالمايونيز
مانيش عارف ونفسي اسأل
فادتنا بإيه قصايدنا
………. ووصلنا لإيه من الترميز؟
وكل حبايبي ليه اتحوّلوا لبراويز؟
………….
خلاص قرّرت يا بن الورد
ترمي الدنيا وتخطي كما لو كنت قاصد ترمي كلّ الطيّبين خلفك
ما عادش يهم مين ضدك ومين حلفك؟
ما عادش يهمّ فين إلفك وفين وِلفك
خلاص ما عادتش فارقه معاك
ولا مغرم هناك تعرف حبايبك عايشه فيها إزاي
مشيت من غير ما تعزم قلبهم ع الشاي
وتضحك في الوشوش بهدوء
تركت العالم الموبوء؟
وقلت تفوق؟
خلاص خليك معاهم فوق
وسيبنا ندوق هنا جمر الهدوء المرّ والتشويه
وأمر الهانم الفاضيه وسعادة البيه
مانيش عارف أعيّط ليه؟
………..
قصايدك لسّه ع الترابيزه قدّامي
كأنها أمر إلزامي
كلامك لسّه في وداني
وواخداني الحياه منّك وفايتاني..
وسارقاني القصايد منّي للتانيين
وجودك في الطريق يشبه وجود الحلم للحالمين
وضحكك للعيال هيغيب
…………….. وهيسيب نفسه للتايهين
كلامك كان لناس ساكتين..
………… وهيواصلوا السكك ساكتين
منين ولمين ورايحين فين،
وعهد الله ماهم عارفين
ما نيش عارف أعيّط ليه؟
أنا نسيت العياط بالشعر يا صاحبي
بقيت مع كل كلمه باموت
قَدَر وبنكتبه ف سكوت
ولما نقوله بنوطّي ف قوالته الصوت
عشان نقدر نقف على رجلنا ونرمح عشان القوت
جريمة الشعر يا صاحبي جريمه بتخنق الملكوت
جريمة الشعر تخرب بيت ولا يتقامش بيها بيوت
أنا آسف عشان عارف ماهوش لادد عليك القول
تعال نقيسها بالمعقول… بكام دلوقت كيس الفول؟
وكام شاعر واقف يهتف.. وكام واحد عمل دلدول؟
ومين بقى عارف الحَبْل اللي شال الساعه م البندول؟
أنا آسف عشان عارف ماهوش لادد عليك القول
وعارف إن روحك في السما هيمانه بالمجهول
وعارف إن انا المسئول
ف لحظة ما انت بتحارب.. أنا عشت الحياه بالطول
ف لحظة ما انت بتحاول.. انا شخبطت في الكشكول
في لحظة ما انت بتقاوح… انا باشتم في واحد صول
ف لحظة ما انت في الميادين.. انا باضحك مع البهلول
في لحظة ما انت في الجامعه معاك جيّد.. انا مقبول
وكنت باشجّع الأهلي… وقلبك حقنه للمحلول
أنا آسف على آخري
أنا كان لازم ألزق لك… لكن جيت لك هنا وخري
وكان لازم أقول لك شعر.. واسمع شعر.. واتهجى الوطن بالشعر
في لحظة ما الجميع واقف يفاصل في الحياه والسعر
هنا شغلونا.. بكره بكام.. وبعده يساوي في عيون كدابينهم كام
وكيلو الفرحه بعد الخصم ممكن يبقى لينا بكام
ورطل الحلم في إيديهم هيبقى بكام
دعانا بكام.. وهيجاوبوا الدعا دا بكام
نَفَسْنا بكام… وليه يا صاحبي نتنفّس ما دام شدوا لهوانا حزام
حرام في حلال… حلال أصبح في شكل حرام
وقاسمانا البلاد نصّين.. ولاتنين يشبهوا الأحلام
بنفس الشكل.. نفس الأكل.. نفس الواقفه بالأعلام
وماشيه الدنيا ع الآخر إلى قدّام بلا راجعه
وشوش طلّتها تشبه طلّة البجعه
وناس أشباه… سلاسل ماشيه ع الأسفلت مش فاهماه
مصرّه على اللي مش عارفاه
ودايره بتبتهل من غير.. ما تعرف معنى كُنه الله
…………..
حياه ماشيه.. بهديد الحيل
وآشية نصها معدن.. وآشية نصّها تطبيل
وفيها الماشي زيّك نيل.. وفيها الماشي بالشخاليل
وفيها الماشي مش عارف نهار من ليل
وفيها الماشي زيّ الخيل.. وفيها الماشي زي السلحفا بيزحف
بشر محتاجه ميت متحف
وانا احلفلك على المصحف ما واحد عارف الضربه هتيجي منين
ولا هتصيبه فين وامتى
صراخك في الوشوش فاضل برغم إن الحاجات صامته
وضحكك للجميع موصول
وكفّك كان يشيل الشعر.. كأنك ماشي بالمحصول
كأنّك ماشي بالعالم ما بين كفّينك الطاهرين
ما حدّش عارف الضربه هتيجي منين.. برغم الخوف
ورغم الدهوسه لحظة ما نرمح في انعدام الشوف
ما زال الشعر في عيونك… بيعمل في النسيم معروف
مازال حلم الغنا مألوف
مازال في قصيدة الشاعر حروف تبني
حروف تسند خطاوي ابني وحيطان البيت
مازال وسط الغنا حواديت
ما نيش عارف أعيّط ليه؟
وليه تتحوّلوا لتوابيت؟
……………….
أنا مستني روحك تبتسم تاني
ومستنيك في قلبي نشيد
ومستني اتصال منّك هنا في العيد..
…….
–آلوه
–أيوه
–إزيّك وإزي الناس والشارع.. إزيّ بلادنا.. إزي مراكب أهالينا.. قهاوينا، الناس الفقر بتوع عاش الحاكم، والناس الساكتين ع الظلم لحدّ ما فحّل واستفحل، الناس الجد، والناس المزّيكا.. أرباب الحلم الممسوس بالصهد وأرباب البوليتيكا.. إزيّ المواتير والبناوير والطير الهاجج والعصافير، إزيّ الخير والأرض الطرّاحه الفرّاحه.. وكفوف الفقرا الفوّاحه.. طمّني على الفلاحه وع الفرن البلدي وع البتاوي وع العيش السخن الطالع زيّ رغيف النور.. لسّه الطين في بلدنا بيطرح واللا اتفرنج زيّ الدّور.. عاملين إيه دلوقت.. يا رب تكونوا تمام وف أحسن حال..
–والله تمام.. عايشين.. الناس.. كل الناس فرحانه عشان كنت امبارح ع التليفزيون.. قاعدين ع القهوه بيحكوا ويتحاكوا عليك.. وبيحلفوا بيك.. الناس مبسوطه لأنّك ما نسيتش النّاس.. لسّه قصايدك بتعجّ بأوجاعهم وبخوفهم م الجاي والحاصل.. حاسّين إنك صوتهم في بلاد المترو المرعب والعمارات العاليه وعربيّات الفول.. حاسّين إنّ الغول مهما هيتغوّل صوتهم واصل…
– سلملي عليهم واحد واحد.. قول لحبايبي إن أنا جاي بكره.. جاي ومعايا قصايدي ودواويني.. بلّغهم إنّي هأقول الشعر ف أكبر شارع.. خلّيهم يستنّوني.. أنا جاي.. جاي والدنيا بحالها طاويها ف جيبي كتاب مقفول.. والعمر ف كفّي وريد مفتول.. جاي مقتول من شدّة شوقي لريحة حضن اخواتي.. جاي ومعايا حاجاتي اللي ما حدّش يعرفها إلّاي.. سلّم لي عليهم.. واحد واحد.. خلّيهم يستنّوني..
– عيوني.. تيجي بألف سلامه.. حاضر يوصل.. تؤمرني؟
–ماتقولّيش تؤمرني.. قول: مش عايز حاجه.. أنت حبيبي وانا ما أمرش حبايبي..
–ههههه.. حاضر
–أنا ما باهزرش.. عايز أقول لك قبل ما نقفل.. زعلان من هاشم… (طوابير رايحين الجنّه) إزاي ماطلعش لدلوقتي؟ هاشم قال لي هيطلع ع المعرض.. والمعرض فات.. والدنيا كمان هتفوت زيّ المعرض.. وصاحبنا ما عندوش أي جديد عن أي حاجات.. أنا عايز أضيف له قصيدة “فلتحيا الستّات“..
– روّق بس.. هاشم بيحبّك وأنا هأسأل.. بس أمّا أنزل طلعت حرب واروح له ميريت.. هاشم مش متأخّر.. اتطمّن قبل ما يطلع هنضيف له اللي أنت هتؤمر بيه ونوّديه متظبّط.. عايز حاجه؟
–لأ.. سيبه.. أنا زعلان منّه، ما تسألهوش.. مش عايز منهم حاجه.. عايزك تتعرّف على حاتم، لازم، وانا بكره هأقول له سعيد حد كويس.. كلّم سلوى وطمّنها إن الدنيا بخير، واتطمّن، شادن زي الفلّ.. سلّم على محمود ووليد وجميع أحبابنا..
–شادن.. ربنا يحرسها يا رب وتفرح بيهم، وتشوف نسرين في الكوشه، وخالد… ههه.. خالد كنت بأقول له فلول… قال لي فلول وفلافل..
–اتعرف ع الناس يا سعيد… صدّر شعرك ما تصدّرش مشاكل شغلك.. والتريقه ع الناس في المليان والفاضي.. راقب بكره الجاي بعيون القلب الصافي المتعافي الحافي ف ملكوت الحب،
–حاضر
–لأ مش حاضر.. سيبك م التهريج.. أنت مأجل مشاريعك وحياتك ليه؟ اسعى شويه، أنت بتكتب شعر كويّس.. احلويت يا سعيد..
– دي شهاده يا دكتور..
– إيه رأيك في البرنامج؟
– حلو.. جميل، كنت بتتعاجب والله.. والناس فرحانه بجد
–هههه.. بطّل ياض شغل بتوع مصر، أنت نسيت نفسك؟
–والله قصايدك كانت زي رماح النار..
–بكّاش.. سلّم على اصحابنا الأوباش..
–تؤمرني؟
–برضه؟ ألف سلامه.. بس ابقى استأذن صاحبك علان العلاني يبطّل يبعت لي الكاندي كراش ع الفيس… زهّقني.. قول له إني ما بأفهمهماش.. هي الناس فاضيه لكاندي كراش..
الناس محتاجه تعيش الدنيا وتتعاش… ألف سلامة
……….
ألف سلامه يا صاحبي
برضه الناس فرحانه بدواوينك..
فرحانه بكل قصايد قلبك..
بالشكر الحار لأمّ ولادك ع الشاشه
بعنيك المليانه محبه وأحلام وهزار
بقصايدك.. وقصايدك كانت زي رماح النار
تؤمرني؟
ألف سلامه يا آخر واحد كان يتكلّم رغم الضيق والخنقه عن الضيق
ألف سلامه يا آخر واحد كان يتكلّم ع التضييق رغم التضييق
ألف سلامه وبكره هاسلم لك على حاتم، وهأطمّن سلوى، وهأسلم على كل المخاليق
واحد واحد
الطيب قبل الجاحد.. والجاحد قبل الطيّب
كلّ اللي هيبقى قريّب منّي هأقول له إنّك سلّمت عليه ومشيت
بعد ما هزّرت مع الناس القاعدين في المستشفى وقلت وغنّيت
…………………………….
خلاص قرّرت يا بن الورد تغسل وشّك الطاهر وتتهجى السما وتفوت
وتستلم كده للموت
خلاص قرّرت تضحك للبيوت وتمرّ
وتغزل للربيع الحُرّ غنوه وناي
مشيت من غير ما تعزم قلبنا ع الشّاي؟
…………………
–سلّم ع النّاس..
حاضر والله.. هأسلم على كلّ الناس.. بس انت ارتاح.. واطّمن.. واكتب
اوعى تبطّل شعر..
الشعر دموعنا المتحاشه…
صرختنا ووقفتنا ف وش الباشا..
اكتب شعر..
وابعت دواوينك من فوق نطبعها
الناس محتاجه الكلمه الحلوه يا صاحبي.. الناس طفحت م الكدب
طفحت من أكل العيش المر
طفحت م الحريّه المزعومه
طفحت من النومه اللي تهدّ الحيل
اكتب شعر كتير وابعتلي قصايدك من بناوير الجنّه… مستنيها
بس ما تنساش تبعت روحك فيها عشان الناس بتحبّك وبتستناك
ما تتأخرش علينا… هنبدأ بيك الأمسيّات والندوات
الناس طفحت من شعر البهوات الخواجات
مش كنت تملّي تقول ع الفيس: الشعر لازم يركب الصفحات
الشعر لازم يركب الصفحات
مستنيين روحك دليل يغزل
وعشان كده
(مالناش بديل.. إلا اختيار المستحيل) فانزل