أشرف عامر وعلى الحجار ” حيوية الحياة! ” للكاتب بهيج اسماعيل
بقلم: بهيج اسماعيل
لا أعرف كيف يكتب. ولا متى يفكر ويتأمل. فهو – بحكم عمله الثقافى – لا يكاد يلتقط أنفاسه. يتبدى ذلك حتى فى سرعة حديثه، الذى تزحم كلماته ضحكات الطفل إنها طاقة الحب التى تشع من بين كلماته وينقلها إليك ولو عبر التليفون هذه الطاقة وهذا الطفل هما اللذان يعطيانه القدرة على إبداع الشعر.
هو الشاعر أشرف عامر فى الخمسينيات من العمر وهو طفل كبير. قد يكبر فيه الجسم والعقل ويبيض الشعر لكن الأحاسيس تظل يانعة تتلفت حولها للحياة. تحملق فى دهشة وتسجل. هذه الدهشة هى بالتحديد حيوية الحياة داخله.
والتقى الشاعر الحى. بالمغنى الصداح على الحجار. فى مخيم واحد تابع للثقافة الجماهيرية فى معرض الكتاب واحتشد السرادق بمحبى الاثنين. وبرغم أنه لا يسع إلا المئات فقد اتسع ليستوعب أكثر من ألفين. وعلى الحجار مطرب مثقف يملك صوتا مثقفا. فأغلب أغنياته أقرب إلى الشعر الحديث وليست مجرد كلمات يتوارثها المطربون ضمن قاموس محدود لا يكاد يتغير. وعلى الحجار مثقف بالفعل. فقد درس جماليات الفن التشكيلى فى كلية الفنون الجميلة. كما تتلمذ على يد والده طيب الوجه والقلب والصوت «إبراهيم الحجار» متميز بصوت الأبوى الحنون خاصة حين تستمع له فى أغنيته الأكثر انتشارا (عزيز على القلب) فلا تملك إلا أن تخضل عيناك بالدموع.
والتقت الحيويتان. صوت على الحجار. مع أشعار أشرف عامر. فامتلأ السرادق بالدفء برغم برودة الجو الشتوى والمكان شبه المفتوح. لكن عشاق الفن الجميل يستمعون بقلوبهم المحاطة بالدفء قبل استماعهم بالأذن البردانة!
تجول على الحجار بين أغنياته الكثيرة والتى يكاد يحفظها الناس سواء فى الإذاعة أو التليفزيون خاصة تلك المقدمات المرتبطة بالمسلسلات. وأيضا أغانيه متجددة المعانى والتى تتجدد معها خلاياه. وينقل بها هذا التجدد إلى الناس على عكس مطربين آخرين يتفننون فى نشر الكآبة واليأس فى كلماتهم المغناة ظنا أن هذا مطلوب ويتماشى مع الطبيعة الإنسانية والمصرية خاصة غير واعين للفارق النوعى بين الحزن الإنسانى النبيل المشروع.. وبين الحزن الثقيل الذى يصل إلى درجة «الهم» الذى يصيب بالكساح فلا يملك المستمع الذى كان على وشك الذهاب للعمل. أن يقعد مكانه يائسا ناظرا إلى السحب السوداء العابرة فى السماء برغم عدم وجودها.
فى قصيدة نافرة تكاد تكون خارجة عن سرب العصافير التى «صوصوت» بهجة فى الأشعار التى ألقاها أشرف عامر. سماها «نصيحة يا ابنى» يقول فى أحد مقاطعها «وعشان تعيش فى الدنيا وتعافر لازم تكون مسنون ولك ضافر!»
وفى مقطع مماثل يقول:
«وإن خيروك بين الأسد والفار اختار تكون تعلب حويط مكار»
لم أفهم هل هذه نصيحة لابنه فعلا أم أنه تراكم الحزن داخله فما يحدث حولنا يراه أشرف الكبير الرافض. بينما أشرف الطفل الصغير الحالم. يرقبه من عشه واسع العينين. مندهشا!.
المصدر: الأهرام المسائى
14-2-2016