الزئبق Hg خطورته و منآفعه
ظن الكيميائيون القدامى أن الزئبق قادر على تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب.. فأجروا عليه آلاف التجارب منذ أمد بعيد.. إلا أن اعتقاداتهم ذهبت أدراج الرياح، حيث اكتشف العلامة المسلم “أبو بكر الرازي” إلى الآثار الضارة للزئبق وذكر في كتابه “الحاوي” إجراءه عدة تجارب على القردة بهدف دراسة تأثير سمية الزئبق ومركباته قبل أن يقدم على استعماله في صناعة الأدوية.
ومع التقدم التكنولوجي الهائل الذي شهدته البشرية في مجال الصناعة.. بدأت تظهر للزئبق آثاره الضارة وأصبح محط دراسات وأبحاث واسعة.
استعمالات الزئبق ومركباته:
يستعمل الزئبق على نطاق واسع في الصناعات الكيميائية والتعدينية، فهو يستخدم في استخلاص الذهب من خاماته عن طريق الاتحاد معه وتكوين ما يعرف باسم “المملغم” Amulgam، ويستخدم في صناعة الأجهزة الكهربائية وفي إنتاج الكلور والصودا الكاوية بالتحليل الكهربائي لمحلول ملح الطعام.. كما يدخل في صناعة المبيدات الحشرية وفي علاج الأسنان.. وفي صناعة الورق ومن أشهر استخداماته هو دخوله في أجهزة قياس الحرارة (الترمومترات) ومقاييس الضغط الجوي (البارومترات)، كما يدخل في عمل مساحيق كشف البصمات وفي صناعة بعض دهانات الوجه والجلد.. وصنع البويات وفي دباغة الجلود والحرير الصناعي، كما يستخدم في المعامل كمادة حفازة catalyst في كثير من التفاعلات الكيميائية.
يوجد خام الزئبق المعروف بالسنابار Cinnabar في عدد قليل من دول العالم، في أمريكا وروسيا والصين وإسبانيا والمكسيك، حيث يتواجد على شكل رواسب محصورة نتيجة للأنشطة البركانية.
من مصادر التلوث:
يُعَدُّ الزئبق مصدرًا شديد الخطورة لتلوث البيئة، ومن مصادر تأثيره الملوث ما يلي:
1- المخلفات الصناعية الناتجة من الصناعات الكيمائية والبترولية والتعدينية.
وتُعَدُّ صناعة الكلور من أكثر الصناعات التي تنتج عنها مخلفات الزئبق، حيث تخلف نحو 100 -200 جرام لكل طن ينتج من الصودا الكاوية.
2- النفايات التي تصرف في المسطحات المائية بما في ذلك مخلفات المجاري، حيث أجريت أبحاث في الولايات المتحدة على مياه المجاري وقدر الزئبق فيها بمقدار 3.4 – 18 جزءاً في المليون.
3- المبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات.
4– استخراج المعادن من المناجم.
ويصل الزئبق للإنسان عن طريق الطعام الملوث سواء كان أسماكاً أو خضروات وفواكه رُشَّت بالمبيدات الحشرية.. ويؤثر تأثيراً سلبيًّا على الحيوانات والطيور، حيث اكتشفت أنه يمنع تتابع الأجيال في الطيور الآكلة لحبوب ملوثة بالزئبق.. فيجعل البيض أكثر هشاشة سهل كسره.
* استخدام الزئبق في علاجات الأسنان (كمثال)
حشو الأسنان بالمملغم المكون من 50% زئبق والذي قد يتسلل من الحشو إلى داخل أنسجة وخلايا الجسم ما زال يثير جدلاً كبيرًا حول استخدامه، فالكيميائيون المعارضون يرون أن له أضرارًا بالغة على الصحة، ويقولون إن استخدامه في كباري الأسنان قد يسبب شحنات كهربائية ناتجة عن التفاعلات الكيميائية Galvanism ترى في جسم المريض وتتجه من الرأس إلى الدماغ مباشرة مسببة آثاراً مميتة. أما الموافقون على استخدامه فيرون أن الأبحاث العلمية لم تقدم ما يثبت الضرر بشكل قاطع، وأن الأمر لا يتعدى كونه أمراً معنويًّا عند عامة الناس، إلا أنهم لا يغلقون الباب تماماً في وجه احتمال وجود هذه المخاطر.
الآثار الضارة للزئبق:
الحالة السائلة للزئبق وتأثيرها السام ما زالت محط تجارب الكيميائيون.. ولم تثبت هذه التجارب حتى الآن أن له تأثيراً خطيراً في حالته السائلة ما دام موجوداً في الأوعية التي تحويه.. إلا أنه إذا خرج من أوعيته ولامس الجلد فقد يسبب التهابات في أنسجته؛ وذلك لأنه سهل الامتصاص بواسطة الجلد.
ولكن أحداً من العلماء لم يختلف على أن الزئبق يظهر خطره عند استنشاق أبخرته أو امتصاص مركباته السامة.. فالزئبق يتبخر عند درجة حرارة الجو العادية كما يتبخر الماء ويحمل هواء الشهيق هذه الأبخرة إلى داخل جسم الإنسان والحيوان وتتراكم على أوراق النباتات مما يُعَدُّ خطراً جسيماً على هذه الكائنات.
التعرض لأبخرة الزئبق لفترة وجيزة بتركيز بسيط يؤدي إلى حدوث التهابات في الفم واللثة وفقدان الأسنان.. كما يؤدي إلى حالات قلق وإجهاد، كما يؤدي بالإنسان لحالة مزاجية سيئة وفقدان الثقة بالنفس.. والصداع والاكتئاب.
أما التعرض لفترات طويلة فإنه يؤدي إلى حدوث اضطرابات عقلية وحالة أشبه بالارتجاج في المخ، كما يُحْدِث تلفًا في النخاع الشوكي وتدميرًا لخلايا المخ الحيوية، ولقد أثبت العلم أن مركبات الزئبق أشد سمية من الزئبق نفسه سواء كانت مركبات عضوية أو غير عضوية.
* ميثيل الزئبق Methyl Mercury : هو أحد المركبات العضوية التي لها قدرة كبيرة على الذوبان في الشحم والأعصاب المحيطة.. وينتقل عبر المشيمة إلى الجنين مسبباً تشوهات خلقية وعقلية كما أن أملاحه تفرغ من الكلية والكبد والغشاء المخاطي للمعدة وغدد العرق والغدد اللعابية.. أما المركبات غير العضوية فهي أقل امتصاصاً من قبل الجهاز الهضمي ولا تحرق الخلايا مثل ميثيل الزئبق.
وقد اكتشفت أحياء دقيقة (بكتيريا) تعيش في الماء يمكنها تحويل مركبات الزئبق غير العضوية إلى مادة مثيل الزئبق العضوية والتي تمتص في أمعاء الإنسان والحيوان وفي الأنسجة الحية بمقدار 98%.
ينقل المركب بواسطة كرات الدم الحمراء مخترقاً الخلايا ويتجمع ما يقرب من 10% من أي جرعة في الجهاز العصبي المركزي CNS حيث أن الهدف الأول له هو الدماغ.
وقد سجلت حالات فقدان للسمع والعمى عند كثير من الأطفال حديثي الولادة في وباء العِراق، كما توفيت ما يقرب من 45% من الحوامل مقارنة بـ 7% من الناس عامة، ويفرز المركب في لبن الأم بمقدار 50% أكبر من تركيزه في الدم.
سجلت بعض الحوادث الخطيرة التي حدثت في حياة البشرية نتيجة التسمم بالزئبق ومركباته.. كان أكثرها شهرة هو الوباء الذي حدث “بالعراق” حيث أصيب ما يقرب من 6 آلاف شخص وتوفى 559 نتيجة لاستهلاك خبز تمَّ رش دقيقه بمبيدات الفطريات الملوثة بالزئبق، والحادثة الثانية وقعت في الستينيات في ساحل “منيماتا minamata باليابان، حيث تسمم الآلاف بأكل الأسماك الملوثة بميثيل الزئبق.
أقصى نسبة تسمح بها الهيئات الصحية لتركيز الزئبق في الهواء هي 0.05 مليجرام في كل متر مكعب في الهواء، ومن ثَمَّ حينما ترتفع نسبة تركيز أبخرته إلى نحو (2 – 8) مليجرام في المتر المكعب الواحد.. فإنها تشكل إنذارًا خطيراً على صحة الإنسان. أما التركيز في الماء فيكون مناسبة إذا لم يتعدى 0.001 مج/ لتر وقد تصل إلى 0.03 مج/ لتر.
هل هناك بدائل؟
يحاول الكيميائيون استبدال المركبات العضوية بغير العضوية، حيث إن معدل تبخرها ومعدل ذوبانها في الشحوم أقل كثيراً من العضوية. فقد أمكن استبدال الزئبق بالنحاس في الصناعات الزراعية واستبداله في مجال الدواء بعقاقير الكبريت واليود والمطهرات، وأصبح استخدام البورسلين والبلاستيك في علاج الأسنان مفضلاً عن المملجم في عيادات الأطباء. لكن استبدال الزئبق في باقي الاستخدامات لا يزال بعيد المنال
تأثيراته المدمرة على مدى الطويل للجهاز العصبي المركزي وما ينتج عن ذلك من اختلال في وظائف الجسم الأخرى،
والتعرض يكون عن طريق التنفس من تلوث الهواء أو عن طريق الشرب من تلوث المياه الجوفية أو مياه الأنهار أو مباشرة عن طريق… ملامسة الجلد.
دراسات وأبحاث كثيرة على مستوى العالم تطرقت للسمية الشديدة والأضرار التي يسببها معدن الزئبق ومشتقاته للأحياء البرية والبحرية والبيئة، ومن ضمن أضرار هذا المعدن:
# مقدرته الكبيرة على قتل الخلايا الحية (cytotoxic).
# سهولة تراكمه في خلايا الدماغ والأعصاب مسبباً في تدمير تلك الخلايا (neurotoxic).
#يضر ويضعف من الجهاز المناعي للإنسان (immunotoxic) فينتج عن ذلك أمراض الحساسية والربو واضعاف للخلايا البيضاوية المتعادلة ذات الفاعلية الكبيرة في صد غزوات الميكروبات الغازية.
#الأضرار والتسمم للنفرونات الكلى (nephrotoxic) المسئولة عن تصفيات الدم من السموم.
#انتقال الزئبق أو مشتقاته عبر المشيمة يسبب في أضرار كبير للجنين كتناقص مقدرة الدم على نقل الأكسجين والمواد الغذائية والفيتامينات والمعادن الأساسية والتي تسبب في تشوهات وإعاقات ذهنية له.
#تعرض المرأة الحامل للتلوث بالزئبق يؤثر في نمو الخلايا العصبية لدى الجنين مسببه في عدم توازن الدماغ.
#التسبب في اضطراب للهرمونات وبعض الغدد الصماء (endocrine system).
#يسبب الضرر للجهاز التناسلي الذكري من اختلافات في الحمض النووي يودي إلى تشوهات للحيوانات المنوية ونقص العدد وضعف الحركة.
#يسبب الزئبق اضطراب هرموني لدى الذكور لخواصه وتأثيراته المشابه للهرمون الأنثوي الاستروجين.
#يسبب أضرار للقلب والأوعية الدموية وزيادة في عدد كريات الدم الحمراء وزيادة في الضغط الدم.
#يمنع تصنيع بعض المركبات الأساسية اللازمة لخلايا الجسم مسبب أضرار بالكيمياء الحيوية على مستوى الخلية فتتغير تركيبة البروتين المصنع أو تسبب في حدوث خلل في نقل بعض المركبات كالكلسيوم.
# الزئبق قد يسبب تلف الخلايا الطلائية للمعدة يؤدي إلى فقد الطبقة الحامية فيسهل اختراقه ببعض الميكروبات مثل
Helicobacter pylori أحد المسببات قرحة المعدة