لقاء مع الفنانة التشكيلية المتألقة الدكتورة دعاء الدسوقي
كتب : عبدالناصر الدشناوي
بدأت منذ نعومة أظافرها بمسك الريشة، والرسم وكأن تحلق إلى فضاءات واسعة بألوانها التي ترى فيها تحقيق لطموح وآمال لا يزال يسيطر عليها،
الدراسة في الفنون جعلت منها أكثر نضجاً على المستوى الفني ومع العلم والموهبة أخذت تحلق أكثر فأكثر، حتى أخذت تخوض مضمار ذلك العالم الواسع، الذي” لا يحده حد ”
إنها الفنانة المتألقة ” دعاء الدسوقي “
هل لى أن أتعرف عليكي من أنتى وماذا تعملين ؟
*أنا دعاء الدسوقى فنانة تشكيلية وأستاذة جامعية .. حصلت على درجة الدكتوراه فى الفنون التطبيقية تخصص الإعلان من كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان وأشغل وظيفة مدرس بالكلية. وحالياً أقوم بالتدريس بقسم الإعلان بكلية الإعلام – جامعة الأهرام الكندية بمدينة السادس من أكتوبر ، كما أننى قائم بعمل رئيس قسم الفنون والجرافيك الذى إنشىء حديثاً بالكلية.. بالإضافة إلى ذلك فأننى قد قمت مؤخراً بتأسيس مؤسسة دفقة للفنون والثقافة والتى أولى مشروعاتها جاليرى أوان للفنون المعاصرة والذى يقع فى شارع هدى شعراوى بوسط البلد .
متى بدأت دعاء بمسك الفرشاه والرسم ؟
*وعيت على هذه الحياه وأنا أمسك بألوانى وأرسم فى كراستى الصغيرة .. كنت أحب كثيراً أن أرسم فى أوقات الفراغ وفى حصص الرسم بالمدرسة والتى كنت أنتظرها كل أسبوع وكنت أشعر آنذاك أننى أنفصل تماماً عن كل ما حولى وأنا أركز فى إتمام رسوماتى كما أريد.
لماذا اخترتى الفن التشكيلي ؟
*الحقيقة أننى لم أختر الفن التشكيلى بل هو الذى اختارنى .. لم أتعمد أن يكون الفن التشكيلى مجالى أو تخصصى فقد جاء دخولى كلية الفنون رغبة فى ممارسة ما أحبه دون النظر فى ما إذا كان سيكون هو مجال عملى أو تخصصى الأكاديمى ، ولكن كان الفن دائماً جزءاً من حياتى.
هل كان للمدرسة دور في صقل موهبتك وكيف ؟
*بالتأكيد .. فكما ذكرت لك من قبل كانت فصول الرسم هى المحببة بالنسبة لى وكانت معلمة الرسم آنذاك سيدة نشيطة جداً ومحبة لعملها وكانت تشجعنى كثيراً ، هذا إلى جانب أن مدرستى كانت من المدارس التى تهتم بالأنشطة الفنية بقدر كبير، وقد كنت دائماً أحظى باختيارى كرئيس للّجنة الفنية بالفصل والتى كان من أهم أدوارها الإهتمام بمظهر الفصل الجمالى وتنسيقه الفنى .
هل يوجد من أسرتك فنان أو فنانة تشكيلية ؟
*أنا نشأت فى أسرة تتمتع بالحس الجمالى والفنى فكان أبى يكتب الخط العربى ويجيد الرسم برغم أنه ليس تخصصه ، كذلك فإن أحد أعمامى قد درس الفن بالخارج وهو يهوى الفن التشكيلى ويمارسه بحرفية على الرغم من أنه لا يقيم معارض فنية أو يعرض فنه للجمهور.
ماذا كان دور أسرتك في تأسيسك كفنانة ؟
*كان أبى وأمى يوفران لى ما أحتاجه من خامات وألوان لأمارس هوايتى وكانا دائماً يوجهانى ويعقبان على رسوماتى ويشجعانى فى سبيل الإجادة ، وقد فرحا جداً عندما قررت دخول كلية الفنون التطبيقية حتى أنهما رافقانى فى أول يوم زيارة للكلية قبل الإلتحاق بها للتعرف على مجالات الكلية وأقسامها المختلفة .
إلى أي مدرسة فنية تنتمي دعاء ؟ وما هي المدرسة التي تميلين لها أكثر ؟
*المدرسة التجريدية .. أعشق التجريد وما يحمله من فلسفة تقوم على علاقة بصرية تجمع بين عناصر التشكيل الفنى فى منظومة يحددها الفنان بشكل حر ، فالتجريد من وجهة نظرى يفتح آفاق للخيال والإبداع دون حدود . أميل للتجريدية التعبيرية والتى تحمل بداخلها التعبير من خلال اللون والخط والمساحة ، ويمكن رؤية تفاصيل خاصة داخل العمل يعبر الفنان من خلالها.
بمن تأثرتي من الفنانين العالميين والمحليين ؟
*لا أستطيع أن أذكر بالتحديد من تأثرت به من الفنانين سواء العالميين أو المحليين ، ولكن يمكننى القول أننى تأثرت وبشدة برواد المدرسة الإنطباعية والتجريدية بصفة عامة ، إلى جانب مجموعة من فنانى القرن العشرين أمثال جاكسون بولوك والذى يعد من أهم فنانى التجريدية التعبيرية الحديثة.
لماذا نري أن بعض الأعمال الغربية تشترى فى المزادات العالمية بأسعار خيالية بينما لانجد هذه الأسعار تذهب إلى إبداعات الفنانين المصرين والعرب ؟
*أعتقد أن السبب الرئيسى وراء ذلك هو التسويق والدعاية لهذه الأعمال حيث أننا مازلنا فى العالم العربى نفتقد للكثير من مقومات الترويج للعمل الفنى والذى يتيح للأعمال الفنية الإنتشار والشهرة إلى جانب التقييم الجيد للعمل الفنى .. وأعتقد أن الأمر يعود فى النهاية إلى المنظومة الثقافية فى بلادنا حيث أن الفن والأدب والإبداع الفنى بشكل عام لا يحظى بالقدر الكبير من اهتمام الناس كما فى الغرب نظراً للكثير من الظروف الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الثقافية المعوقة لازدهار الفنون بشكل عام خاصة فى الآونة الأخيرة .
لماذا يضع الفنان مبلغ للوحة فنية ما بينما تكلفة اللوحة أحيانا لا تتجاوز عشرات الجنيهات وهى الألوان فقط؟
*هى نفس حالة المقتنى … لماذا يدفع كل هذه المبالغ فى لوحة هى فى النهاية للبعض مجرد مجموعة من الألوان والخطوط فقط .. إنها قيمة العمل الفنى الذى يضع فيه الفنان من روحه ومن إبداعه ومن معاناته أحياناً ليعبرعن واقعه أوعما يجول بداخله من شحنات ومن طاقة فنية وإبداعية والتى من وجهة نظرى لا تقدر بثمن.
البعض يعتقد أن بعض اللوحات الفنية لا يفهمها أحد وكأن الفنان يقول ” المعني في قلب الفنان ” لماذا يصر الفانيين على تقديم عمل لا يفهمه أغلب الناس ؟
*الفنانون لا يصرون على شىء … الفنان يعبر عن ذاته من خلال لوحاته ولا يطلب من كل الجمهور أن يقرأ لوحاته بنفس الكيفية ، وكما نعلم فهناك العديد من المدارس والاتجاهات الفنية فى مجال الفن التشكيلى ، والتى لا تتفاعل مع جميع المتلقين بنفس القدر ، فهناك من الجمهور من يفضل الرموز والمفردات البصرية التى تعتمد على المحاكاه والتى تتميز بقدر كبير من التعرف عليها بحكم مشابهتها للواقع ، وعلى الجانب الآخر هناك من الجمهور من يميل نحو تفضيل العلاقات المجردة بين الألوان والأشكال وغيرها من العلاقات التشكيلية التى تحمل شحنات خاصة يتفاعل معها المتلقى كما يتفاعل مع مقطوعة موسيقية إما بالإيجاب أو السلب ، فهل كلما استمعنا إلى معزوفة موسيقية سألنا ماذا تعنى ؟!..كذلك الفن التشكيلى هو مجال واسع من مجالات التعبير الإنسانى الذى يتعامل مع مفردات هذا الوجود بمختلف الأساليب وطرق المعالجة والتى فى النهاية تعبرعن شخصية كل فنان وأسلوبه فى التعبير وتمنحه بصمته الخاصة من خلال العمل الفنى الذى يتفاعل مع محبيه أومريديه ومريدى هذا الفن من الجمهور.
ماذا لديك غير الرسم سواء فنيا أو هويات أخري ؟
* أعشق الموسيقى بالطبع وقد كنت أعزف آلة البيانو وأنا فى المدرسة .. أحب السفر واكتشاف عوالم أخرى ، كذلك فإننى أهوى القراءة فى مجالات مختلفة مثل العلوم والفنون والشعر.
ما الجديد الذي أتيت به في الأيام الأخيرة ؟ وما هي حكاية أوان . وما الذي أضاف لكي؟
*أوان هو أحدث مشاريعى الفنية وهو مساحة فنية معاصرة لإقامة المعارض الفنية وورش العمل فى كافة مجالات الإبداع إلى جانب توفير مكان خاص لتجمع الفنانين والمثقفين والشباب على اختلاف مجالاتهم لتحقيق المزيد من التواصل الفنى والثقافى فيما بينهم . وقد كان من أهم أهدافى عند إقامة الجاليرى هو خلق حالة من التواصل الفنى مع الناس ، مع الجمهور العادى ، للعمل على تنمية الثقافة الفنية والبصرية والتقريب بين الفنانين التشكيليين وبين رجل الشارع .
ماذا أضاف لى ؟! … حقيقة أنا من أود أن اسأل هذا السؤال وأقول ما الذى يمكن أن يضيفه أوان للحركة الفنية والتشكيلية فى مصر وخاصة بعد الثورة ، وما الذى يمكننى القيام به حتى أحقق ما أتمناه فى توسيع دائرة الثقافة الفنية داخل مجتمعنا.. أتمنى أن يفتح أوان باباً جديداً أمام الشباب من الفنانين والمبدعين لعرض أعمالهم الإبداعية وخروجها إلى النور وتحقيق أكبر قدر من التواصل الفنى والثقافى بين الشرائح المختلفة من المجتمع .
ماذا تنتظري من وزارة الثقافة بعد الثورة ؟
*أعتقد أننا جميعاً ننتظر من وزارة الثقافة أن تعيد النظر فى دورها الثقافى فى المجتمع المصرى والعمل الجاد من أجل مصلحة الفن والثقافة و من أجل مصلحة الفنانين والمثقفين فى هذا البلد ، لأن الاهتمام بهم وتفعيل دورالفن والثقافة بشكل حقيقى وجاد سيعمل على إحداث نقلة نوعية فى المجتمع المصرى وتحقيق نهضة شاملة لجميع أفراد هذا المجتمع الذى ظل يعانى من الكثير من التهميش وتضحيل الفكر والثقافة على مدى سنوات طويلة.
هل لديكي إجابة على سؤال لم يطرح . ما هو وما الإجابة؟
*أشكرك جداً على هذا الحوار وتمنياتى بمستقبل أفضل للفن وللثقافة فى بلدنا الحبيب مصر ..