مصر بين “ممر التنمية” و “نهر الكونغو”
بقلم : عماد فتحي
بعد وقت قصير تعالت الأصوات من بعض الأفواه التى لا تريد لهذا البلد أن يتقدم أو يقوم بمشروعات عملاقة ومردده بأنه لن يفيد البلد بأية حال، وأنه يجب ألا ينفذ حتى لا يكبد الدولة خسائر لسنا فى حاجة لها، خاصة ما يتطلبه من أموال لمد أنبوب مياه من خلف بحيرة ناصر حتى البحر الأبيض المتوسط لنقل مياه النيل واستغلالها فى الزراعة.
وهنا تسألت ما الضير فى تنفيذ هذا المشروع والعناية به والاستفادة منه؟، فالمشروع يتيح للدولة استصلاح ملايين الأفدنة فى الصحراء تساعد على سد حاجاتها من قوت الشعب وتصدير الفائض منه، وزيادة عدد المصانع التى تقوم على الصناعات الغذائية وبناء محطات توليد كهرباء وتعبيد طرق ومد خطوط سكك حديدية مما يؤدى إلى خلق فرص عمل كثيرة للشباب تؤدى إلى توسيع الرقعة السكانية بشكل أفقى، ما يمكننا من الخروج من الوادى الضيق الذى نسكنه والذى لا يتجاوز 6% من مساحة مصر، وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة تكون متنفثا للمحافظات المتكدسة حول النيل على امتداد محاوره الخمسة من الجنوب إلى الشمال، والتى حددها د. الباز فى مشروعه، وعلى عكس ما تردد من أفواه أعداء التقدم، فأننى أرى أن هذا المشروع يفيد البلد أكثر مما يضره، وآمل أن يشارك رجال الأعمال المصريين الحكومة فى تنفيذه ومساعدتها فى الاستفاده منه.
أما مشروع “نهر الكونغو” أو ما يمكن تسميته بمشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل هى فكرة مشروع ضخم مراده التحكم بالموارد المائية في البلدان المستفيدة منه حسب دراسات القائمين على المشروع وهى “مصر والسودان وجنوب السودان والكونغو”.
ومضمون الفكرة هو شق قناة تصل نهر الكونغو (والذى يعد ثانى أكبر نهر فى العالم من حيث الدفق المائى بعد نهر الأمازون، حيث يلقى هذا النهر ما يزيد عن 1000 مليار متر مكعب من المياه فى المحيط الأطلسى، حتى أن المياه العذبة تمتد لتصل إلى مسافة 30 كيلو متر داخل المحيط) بأحد روافد نهر النيل فى السودان، ما يُمكّن كل من السودان ومصر من استصلاح ملايين الأفدنة وزراعتها، ومن المقدر أن يتم استصلاح ما يعادل ربع الصحراء الغربية بكمية المياه التى ستصل لمصر وحدها.
وقد أجريت العديد من الدراسات لإقامة هذا المشروع والاستفادة منه وتذليل الصعوبات الجغرافية التى تواجه تنفيذه، وقد وضعت دراسة 3 سيناريوهات مقترحة لتحديد مسار المياه فى هذا المشروع، طول الأول 424 كيلو متر وفرق منسوب المياه سيكون 1500 متر وهو ما يستحيل تنفيذه، والثانى على مسافة 940 كيلو متر وارتفاع 400 متر، والثالث ينقل المياه علي مسافة 600 كيلو متر وفرق ارتفاع 200 متر، وهو السيناريو الأقرب إلى التنفيذ من خلال 4 محطات رفع متتالية للمياه، وكشف المقترح عن إمكانية توليد طاقة كهربائية تبلغ 300 تريليون وات فى الساعة وهى تكفى لإنارة قارة إفريقيا.
وقد ظهرت فكرة المشروع بشكل فعلى لأول مرة فى أواخر عهد الرئيس الراحل أنور السادات عام 1980م، وكالعادة اختفت مرة أخرى، إلا أنها ظهرت فى الوقت الحالى بعد توقف المفاوضات بين مصر وأثيوبيا بشأن بناء سد الألفيه (تم تغيير أسمه إلى “سد النهضة” بعد زيارة الرئيس السابق محمد مرسى لأثيوبيا لمناقشة مشكلة المياه) والذى سيحجز مياه النيل عن مصر بما لا يمدها بحصتها الأساسية والتى تقدر بحوالى 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنوياً بسبب عمل بحيرة صناعية لتوليد الكهرباء بأثيوبيا تقدر مساحتها بأضعاف بحيرة ناصر.
وقد طالعتنا الصحافة باعتزام النائب الأول لرئيس مجلس الوزارء المشير عبد الفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى، البدء فى المشروع وتكليف القوات المسلحة بأنتاج محطات رفع المياه، وأن العمل بالمشروع يسير فى خط متوازى مع أمكانية الوصول لاتفاق مع الجانب الأثيوبى.
مشروعان مختلفان من حيث الامكانات والتنفيذ، ولكل منهما صعوباته، إلا أن الهدف منهم واحد وهو الرغبة فى أنشاء مشروع يجعلنا نمتلك قوت يومنا وزيادة، ما يساعد هذا الوطن فى التقدم والنمو والتحضر.