” ظاهرة عمالة الأطفال” فى مصر
كتبة : نهى جمال الدين
تعتبر ظاهرة عمالة الأطفال من الظواهر الجديرة بالبحث والدراسة حيث تزايد لجوء الأطفال إلى ترك التعليم وممارسة العمل فى سن صغير يبدا من السابعة لإعالة أسرتهم ، وهذه الظاهرة منتشرة فى العديد من الدول منذ زمن بعيد إلا أنها بدأت تزداد فى هذه الفترة بسبب الأزمة الإقتصادية التى يعيشها الشعب المصرى هذه الأيام مما دفع بهؤلاء الأطفال إلى ممارسة العمل باشكال ونوعيات مختلفة تتنوع ما بين الطباعة والميكانية والبقالة والتجول فى الشوارع للبيع فى الأتوبيسات ومنهم من يعمل فى محلات العصائر والعديد من الأعمال التى لا يتعلم منها الأطفال ما ينفعهم فى مستقبلهم
إلا أننا فى حاجة لتعليم هؤلاء الأطفال بعض هذه الأعمال حتى لا نفقد الصنعة فهناك نوعيات من الأعمال نحن فى حاجة إليها ويجب على من يمارسها أن يتعلمها فى سن صغير
مفهوم عمل الأطفال :
هو العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل، والذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه، العمل الذي يستغل عمل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، العمل الذي يستخدم وجود الأطفال ولا يساهم في تنميتهم، العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله.
أنواع عمالة الأطفال :
ينقسم عمل الأطفال إلى قسمين الأول سلبى والثانى إيجابى :
مصطلح العمل السلبى : هو العمل الذى يضع أعباء ثقيلة على الطفل ويهدد سلامته وصحته ورفاهته وهو العمل الذى يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته على الدفاع عن حقوقه ويستغل عمل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار وهو العمل الذى يعيق تعليم الطفل وتدريبه وبغير حياته ومستقبله .
أما العمل الإيجابى : فيتضمن هذا التعريف كافة الأعمال التطوعية أو حتى المأجورة التى يقوم بها والمناسبة لعمره وقدراته ويمكن أن يكون لها اثار ايجابية تنعكس على نموه العقلى والجسمى والذهنى ، والذى من خلاله يتعلم الطفل المسؤولية والتعاون والتسامح والتطوع مع الأخرين
وليست كل أنواع عمالة الأطفال ضارة فكثير من الأطفال العاملين يوجدون فى إطار بيئة مستقرة وتربوية مع أولياء أمورهم أو تحت حماية وصى ويمكنهم الإستفادة من حيث الإختلاط الإجتماعى ومن التعليم والتدريب غير الرسميين غير أن هناك أطفال كثير يلحق بهم العمل ضرراً وهذا لا شك فيه
أسباب عمالة الأطفال
1- الفقر والظروف الإقتصادية والعوز والتردي المعيشي للاسرة من الاسباب الرئيسية
2- تدني المستوى الثقافي او عدمه عند الوالدين
3- عجز الأهل على الإنفاق على أولادهم
4- عدم الإهتمام بالتعليم
5- محاول مساعدة الأسرة
6- كثرة الإنجاب
7- التفكك الأسرى والجهل
أخطار عمالة الأطفال :
من بين أعظم الأخطار التى تواجه المجتمعات النامية ظاهرة عمالة الأطفال حيث أنها تحرمهم من التعليم وتكوين الشخصية فى هذه المرحلة من العمر كما أن عمالة الأطفال فى الوقت نفسه تقف شاهداً على وجود ظواهر اجتماعية ذات أخطار أكبر من الفقر والحرمان والتفكك الأسرى وتفشى المخدرات والإدمان من ناحية واعتماد الأسرة على أصغر أعضائها سناً دون اعتبار لمصيره أو مستقبله من ناحية أخرى ويتعرض الأطفال العاملون لشتى الأخطار الجسدية والأخلاقية كالتعرض للفساد والإنحراف مبكراً
ومن المنظور الأوسع فإن عمالة الأطفال تقود إلى نمو الجريمة وتهريب السلاح والمخدرات والإتجار بالأعضاء البشرية قبل وبعد بلوغ عؤلاء الأطفال سن الرشد
وسائل تخفيض عمالة الأطفال :
1- تخفيض أعداد الفقراء
2- تعليم الأطفال
3- زيادة الوعى الشعبى
4- تشجيع القضاء على عمالة الأطفال من خلال الوسائل غير التنظيمية
التأثيرات السلبية لعمالة الأطفال :
1. التطور والنمو الجسدي : تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي والقوة، والبصر والسمع وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية، الوقوع من أماكن مرتفعة، الخنق من الغازات السامة، صعوبة التنفس، نزف وما إلى أخره من التأثيرات.
2. التطور المعرفي: يتأثر التطور المعرفي للطفل الذي يترك المدرسة ويتوجه للعمل، فقدراته وتطوره العلمي يتأثر ويؤدي إلى انخفاض بقدراته على القراءة، الكتابة،الحساب، إضافة إلى أن إبداعه يقل.
3. التطور العاطفي : يتأثر التطور العاطفي عند الطفل العامل فيفقد احترامه لذاته وارتباطه الأسرى وتقبله للآخرين، وذلك جراء بعده عن الأسرة ونومه في مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائه.
4. التطور الاجتماعي والأخلاقي : يتأثر التطور الاجتماعي والأخلاقي للطفل الذي يعمل بما في ذلك الشعور بالانتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الآخرين، القدرة على التمييز بين الصح والخطأ، كتمان ما يحصل له وأن يصبح الطفل كالعبد لدى صاحب العمل.
ولا يٌخفىَ على احد أن أنواع معينة من العمل يُسبب مشاكل نفسية، واجتماعية خطيرة للأطفال. يعد هذا خطراً كبيراً خاصةً لدى الأطفال، وإن كان معظمهم من الفتيات يعملن كعاملات منزل ويعيشن بعيد عن المنزل العائلى. وقد يعملن في ظروف قاسية وممنوع تقريباً إجراء أي اتصال مع عائلاتهن وأصدقائهن.هن أيضاً في بعض الأحيان ضحايا الاعتداء الجسدى والنفسى والجنسى. كل هذا يهدد توازنهن النفسى والاجتماعى.
وفي بعض البلدان في العالم الثالث يعاني اطفال العمالة من أعراض خطيرة منها الانطواء، الشيخوخة المبكرة، الاكتئاب , والدعارة خاصةً الفتيات الاتى يلحق بهن ضرراً بالغاً في التضحية العاطفية. أيضاً، انتشار وباء الإيدز ليس غريباً على هذا الاتجاه . ولا يفوتنا ايضاً ان العديد من الأطفال النازحون من المناطق الريفية أو المجاورة قد قطعوا كل العلاقات مع أسرهم .
5. يواجه الأطفال جميع انواع المخاطر, ومنها تقلبات المناخ , والأحمال الثقيلة، والأداوت الحادة. كما تعد الضغوط الخارجية ثابته للعمل في المزارع ومنها؛ الحشرات، الزواحف، الحيوانات الأخرى، الأرض الصلبة، الأدوات القديمة. كما يمكن أن تكون المسافات طويله جداً، أو ساعات طويله من العمل، وكل شىء ممكن أن يزيد من سوء الحالة الصحية للأطفال.
الاثر الاقتصادى والاجتماعى لعمل الأطفال :
كثيراً ما نجد أن الفقر، ومشاركة الأطفال في النشاط الإقتصادى يعزز كل منهما الآخر. ويتسبب الفقر في عمل الأطفال.ويُضعف فرص الارتقاء الاجتماعى. فإنه كذلك يديم الفقر، حيث أنه ينعكس على إمكانيه التعليم التي تحقق المكاسب لمدى الحياة.
علاوة على ذلك، أن مشاركة الأطفال في النشاط الاقتصادى يزيد الفقر لأنه يزيد البطالة ونقص عمالة البالغين. لكن من الصعب التعميم، لأن ذلك يعتمد على نوع العمل الذي يقوم به الأطفال، وفيما يتعلق بالعمل المأجور، في المصنع، على سبيل المثال يمكن تحويل الأطفال إلى كبار. وسيكون لذلك تأثير سلبى على مجال العمل، الاجور، وظروف العمل الأخرى للبالغين.
الحلول المقترحة لحل المشكلة :
وضعت خطة كمحاولة جديدة من قِبل البرنامج الدولي التابع لمنظمة العمل الدولية للقضاء علي ظاهرة عمل الأطفال من مقرة في جنيف من أجل حماية هؤلاء الأطفال العاملين خاصة في الدول النامية.
وهذه الخطوة تتمثل في مبادرة تهدف إلي الإسراع بتحرير ملايين الأطفال العاملين من أسوأ أشكال العمالة في مهن تتسم بالخطورة أما علي حياتهم أو علي صحتهم ، وقد بدأت هذه المبادرة في ثلاثة بلدان هي: تنزانيا, ونيبال, والسلفادور في فترة زمنية لا تتجاوز 10 سنوات للقضاء علي أسوأ أشكال عمالة الأطفال في هذه الدول تمهيدا إلي القضاء نهائيا علي عمالة الأطفال ـ بكل أنواعها ـ في هذه البلدان .
وأسوأ أشكال العمالة التي تقصدها المبادرة هي المهن الخطيرة التي يضطر الأطفال ـ لسبب أو لآخر ـ لامتهانها مثل: العمل في المناجم, والمحاجر, ومصانع الاسمنت, والزجاج, ومحارق الفخار, والبلاستيك لما تشكله هذه المهن من خطورة علي صحة هؤلاء الأطفال والتي قد تؤدي بدورها بحياتهم.
وهذه المبادرة تتضمن برامج ملزمة لهذه البلدان بوقف استخدام الأطفال فورا في هذه المهن والأعمال، ومن ثَم توقيع عقوبة في حالة الخروج عن هذه البرامج.
ولأن فكرة المبادرة جديدة فانه من المتوقع انضمام العديد من الدول لها خلال العامين المقبلين حيث أن هناك العديد من البلدان التي أيدت ورحبت بهذه المبادرة.
علينا أن ندعو للقيام بإعداد دراسات تتجه نحو تحقيق أهداف مدروسة، و ذلك بوضع تصور ابتدائي للمشكلة وعمل مسح شامل عن جميع الدراسات و الإحصاءات السابقة و النظر للمشكلة نظرة واقعية غير مبالغة أو ناقصة، و دراسة واقع الظاهرة من خلال التشريعات و القوانين، و التعرف على الآثار السلبية الناجمة عن تلك الظاهرة بجميع أبعادها، تحديد طبيعة الاستغلال الواقع على هؤلاء الصغار مهما كان هذا الاستغلال نابعا من الأسرة أو صاحب العمل أو نوعية العمل نفسه أو المجتمع ككل ، دراسة متطلبات التنمية ووسائل زيادة دخل الأسرة و كذلك دراسة نظم التعليم و الظروف البيئية المحيطة .
الكفاح لإيقاف ظاهرة عمالة الأطفال :
لقد تم منذ عدة سنوات إطلاق مبادرة عالمية للدفاع عن حقوق الطفل وبطلها هو طائر الدودو، هذه المبادرة تهدف لنشر الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في كافة أنحاء العالم وبغض النظر عن العرق، الجنس، الدين، المستوى الاجتماعي أو التوجه السياسي.
ونم إنشاء منظمة الأمم المتحدة للطفولة ( UNICEF ) وهي اختصار لـ United Nations Children’s Emergency Fund في العام 1946 اثناء الحرب العالمية الثانية . وكانت اليونيسف، كما هي الآن ، تموَّل بالكامل من التبرعات، وعندما لُبيت احتياجات أطفال أوروبا فور انتهاء الحرب، واستمرت اليونيسف في عملها بعد الحرب بوصفها منظمة تابعة للأمم المتحدة هي الوكالة الحكومية الوحيدة المكرسة للأطفال ، والمفوضة من قبل حكومات العالم لتعزيز وحماية حقوق الأطفال ورفاهيتهم , لتصبح أداة تواصل عالمية تجمع حولها كافة المهتمين بالدفاع عن الحياة وحماية البيئة وحماية الطفولة بالتعاون مع المنظمات الدولية المعتمدة كالمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة والانتربول الدولي .
مجموعة من الأراء فى مشكلة عمالة الأطفال :
الكاتب والباحث الدكتور احمد القاسم:
طبعا عمالة الأطفال مشكلة صعبة جدا جدا وتنعكس سلبا على الطفولة اولا والمجتمع بشكل عام ثانيا وهي تعود الى تفشي ظاهرة الفقر في المجتمعات العربية، وايضا قوانين نظام العمل غير حاسمة وليست رادعة بحيث لا تردع اصحاب العمل عن تشغيل الأطفال واستغلالهم بابشع صورة، كما ان هناك مسؤولية على الأسرة والوالدين خاصة الذين لا يمنعون ابنائهم من العمل وترك دراستهم من اجل جمع المال كما من وجهة نظري يجب انشاء حدائق عامة وملاهي كي يقضي الأطفال اوقات فراغهم بها بدل قضائه في العمل وتشجيع هم على ارتيادها
أستاذة جيهان السنباطى إعلامية بالهيئة العامة للإستعلامات وكاتبه صحفيه
لاحظنا مؤخراً ظاهرة إنتشار عمالة الأطفال فى الشوارع المصرية بشكل كبير خاصة بعد قيام ثورة يناير نتيجة لتدهور الأوضاع الإقتصادية والإجتماعيه والسياسية فى البلاد فأصبحنا نراهم فى كل مكان فى إشارات المرور بالمناديل الورقية أو فوط لتنظيف السيارات أو فى ورش إصلاح السيارات والرخام والمحاجر والسباكة والحدادة والقهاوى أو خدم فى المنازل لخدمة الأثرياء أو فى الحقول والمزارع هؤلاء لاذنب لهم سوى أن الظروف هى التى ألقت بهم الى الشوارع فتخلوا عن طفولتهم وإرتدوا عباءة الكبار.
وقد تباينت الإحصاءات التى تناولت ظاهرة عمالة الأطفال والتى تعد من أخطر الظواهر التى يتعرض لها المجتمع لما لها من تأثير سلبى على المجتمع ففى حين أعلنت منظمة العمل الدولية أن حجم عمالة الأطفال في مصر يبلغ نحو ما يقرب من 2.2 مليون طفل، بنسبة تصل إلى 26% يرى الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن حجم عمالة الأطفال يبلغ نحو 1.6 مليون طفل، منهم 83% يعملون فى الريف مقابل 16% فى المدن ، وأن 46% من أجمالي هؤلاء الأطفال العاملين يتراوح من 15 إلى 17 سنة ، وأن 78% منهم من الذكور و 21% من الإناث ، وأن عدد ساعات العمل التي يقضيها هؤلاء الأطفال في العمل تتعدي أكثر من 9 ساعات يومياً في المتوسط ، وأكثر من ستة أيام في الأسبوع. أي أن عدد ساعات العمل بالنسبة للطفل قد تتجاوز عدد ساعات عمل الكبار وطبقاً لدراسة اخرى لمركز الطفل العامل فإن حجم عمالة الأطفال يبلغ نحو 3 مليون عامل ، يمثلون ثلث الشريحة العمرية الموجودة بالتعليم الأساسي، وطبقا للمسح القومي لظاهرة عمل الأطفال في مصر والصادر عن المجلس القومي للطفولة والأمومة فإن هناك ٢.٧٦ مليون طفل عامل في مصر، يمثلون حوالي ٢٦% أي أكثر من خمس الأطفال في الشريحة العمرية من ١٦:١٤ سنة.
هذا التباين يؤكد لنا أننا أمام مشكلة خطيرة لم يتم إحتوائها بعد وأنها تستحق الدراسة والتحليل والإهتمام أكثر من ذلك ويجب معرفة أسباب تفاقهما والبحث عن حلول مناسبة لها فإستغلال الأطفال فى العمل فى هذه السن الصغيرة يعرضهم لشتى أنواع التعذيب والإستغلال والممارسات غير الأخلاقية حيث تشغيل الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسديا ونفسانيا للقيام بهاعلما أن العديد من الاتفاقيات الدولية قد جرمت بدورها الاستغلال الاقتصادي للأطفال ومنها تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضراً أوأن يمثل إعاقة ليتعلم الطفل أوأن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي .
وتعتبر سوء الأحوال الإقتصادية فى المجتمع من أهم أسباب عمالة الأطفال يليها تدنى المستوى الإجتماعى والتفكك الأسرى و إنتشار الفقر والبطالة بين الآباء، وانخفاض دخل المشتغلين منهم الذي يدفعهم إلى سحب أطفالهم من المدرسة والزج بهم الى سوق العمل، مما يؤدي إلى مضاعفة الأمية ونقص التأهيل وحرمان نسبة كبيرة من الشريحة الأهم والأكبر في المجتمع من حقها الإنساني في الحياة بصحة جيدة وحق التعليم الأساسي والإجباري فالحاجة الى المال تدفع الأسرة الى الزج بأولادهم الى سوق العمل فى سن مبكرة رغم المخاطر التى من الممكن أن يتعرضوا لها سواء كانت مخاطر صحية أو نفسية أو إجتماعية
ولأن هؤلاء الأطفال لاحول لهم ولاقوة وأن الظروف المحيطة بهم أقوى من أن يستطيعون مواجهتها أو التصدى لها فيجب على الدولة أن تشملهم برعايتها وتوفر لهم الحياة الكريمة ويكون ذلك من خلال حصر أعداد الأطفال العاملين وتصنيفهم وسن قوانين لحمايتهم ووضع برامج التدخل وإشباع إحتياجات الأطفال ومتابعة تنفيذ هذه القوانين بناء مؤسسات تربوية تهتم برعايتهم والإهتمام بالمنظومة التعليمية وخاصة مرحلة التعليم الأساسى كذلك يجب تضافر الجهود بين مختلف الهيئات الرسمية والأهلية للتعامل مع هذه الظاهرة وإصلاح الوضع المادى لهؤلاء الأطفال وأسرهم من خلال التبرعات والاعانات المادية والعينية والعمل على ايجاد فرص عمل لاحد الأبوين فى حال بطالتهم
المستشار درويش لاشين
تبدو مشكلة عمل الطفل جليةً عندما يتسبب العمل في وضع أعباء ثقيلة على الطفل مما يهدد سلامته وصحته ورفاهيته , ولكونه طفل ضعيف فلن يكون لديه الرغبة عن الدفاع عن حقوقه حيث يتم استغلاله كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، الامر الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله . حيث ان اتفاقيات حقوق الطفل اوضحت ان ( الطفل هو من لم يتجاوز الـ 18 سنة ) لذا ينبغي السعي لحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يمثل خطراً أو إعاقة لتعليمه أو ضررا بصحته أو بنموه البدني .
ومن ناحية أخرى نجد التعرض لاصابات العمل هو من أهم المؤشرات المتعلقة لعمالة الأطفال ، حيث يتعرضوا لاصابات عمل خلال أدائهم لمهامهم أثناء العمل، وتتراوح تلك الإصابات بين كسور وجروح ورضوض إضافية إلى إصابة الأطفال بتسمم أو صعوبة التنفس أو نزيف أو إصابات أخرى مختلفة , إضافةً إلى تعرض الطفل العامل للعنف الجسدي أو المعنوي أو لكليهما معاً من قبل صاحب العمل ، أو من زملائه في العمل أو الزبائن الذين يتعامل معهم .
أسباب المشكلة :
1- تبين بوضوح ان قلة عدد المدارس , وعدم الاهتمام بالتعليم الالزامي الاساسي المجاني من اهم اسباب تلك المشكلة … لذا وجب إعادة تأهيل الأطفال العاملين ودمجهم اجتماعيا مع العناية بحاجات أسرهم. كما ان النظام التعليمي السائد له اثر كبير جداً , مما يتسبب في ترك المدرسة مثل سوء معاملة المعلمين أو الخوف منهم، وعدم الرغبة بالدراسة ، عدم المقدرة على النجاح في الدراسة ، قد يكون توقيت الدراسة غير متناسب مع أوقات عمل الأطفال ( كما في بعض البلاد الزراعية مثلاً ) ، وقد يكون موقع المدرسة بعيداً بالنسبة للأطفال ، والفتيات بشكل خاص ، وقد يضاعف من هذه المشكلة فقدان تسهيلات نقل الأطفال في المناطق مترامية الاطراف . وكثير من الأسر الفقيرة تتحمل مصاريف الكتب واللوازم الدراسية والزى المدرسى وتكاليف النقل. بل ودفع مبلغ من المال للمعلمين، وهي في بعض الأحيان تتكلف الدراسة الابتدائية، ثلث عائد الأسرة. والعديد من الأسر لديها أكثر من طفل في سن الدراسة. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذةالأرقام، لا تأخذ في الاعتبار النقص الحاد في عائدات تلك الأسرة. وخاصةً عندما يذهب الطفل إلى المدرسة بدلاً من العمل. وهذا ما يفسر أسباب عمل الأطفال. وهو دفع رسوم الالتحاق بالمدرسة، فهى تساهم في تمويل المدارس. وأحياناً، كجزء من سياسة التصحيح الاقتصادى فإن المدارس واداراتها تقرر تحميل جزء من المصاريف للأهالي. الكثير من تلك الأسر تعيش في مجتمعات حيث لا توجد مدارس. وبالتالى، فإنه لا يوجد مفر من العمل وتكلفة هذا التعليم لعائلة فقيرة يعوق قدراته. فإن التعليم الذي يقدم لهؤلاء الأطفال في كثير من الأحيان يكون دون المستوى، ولا يبعث على الأمل في أي تقدم اجتماعى. ولا يبرر هذة التضحيات. وتكثر الأمثلة من الأسر التي أرادت بشدة ان يحصل أبناءها على درجه كبيرة من التعليم ولكنها لم تكن تمتلك الأدوات ورأت في الوقت نفسه أن التكلفة عاليه جداً.
2- الفقر هو من الاسباب الرئيسية لعمل الأطفال, ومن أسوأ الأعمال التي قد يؤديها الطفل وهي الرق بكافة أشكاله وأنواعه والعمل القسري واستخدام الأطفال في الصراعات المسلحة واستخدامهم أو عرضهم لأغراض الدعارة أو لإنتاج أعمال إباحية واستخدامهم أو عرضهم لمزاولة أنشطة غير مشروعة وخاصة في إنتاج المخدرات والاتجار بها، مما يؤدي الى الأضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي .
3- المستوى التعليمي والثقافي للأسرة : حيث ينعدم لدى الوالدين في الطبقات الدنيا من المجتمع مدى اهمية التعليم في حياة ابنائهم ..
4- عدم الالمام بمعرفة كافة قوانين عمالة الاطفال ومدى ما تشير اليه الاتفاقيات الدولية من التزامات على الدول ..
5- الاستعمار والحروب والأزمات التي تخلق عبء اقتصادي , فنجد في البلاد المستعمرة يلجأ المستعمرون لأستغلال كل اطفال البلد المستعمر … وتظهر هنا العنصرية في أوضح أشكالها .. سواء من حيث الجنس .. أو اللون .. أو الدين ..
6- وفي احياناً نادرة نجد ان عمل الاطفال يتوزع فيما بين الاعتماد على النفس … , وملء الفراغ بعد ترك الدراسة .
كما نجد أن بعض المناطق تكاد تخلو من هذه الظاهرة مثل أوروبا وأمريكا الشمالية واستراليا، كما لا يوجد لها وجود على الإطلاق في مناطق أخرى من العالم مثل اليابان والصين .
الباحث الفلسطينى طه دخل الله عبد الرحمن
تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرًا، أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل؛ أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل، أو بنموه البدني، أو العقلي أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي.
يتعرض عدد لا يحصى من الأطفال في مختلف أنحاء العالم يوميًا إلى مخاطر تعيق نموهم وتقف عائقًا أمام تنمية قدراتهم؛ ومن بين هذه المعيقات تشغيل الأطفال في أعمال شاقة لا تناسب قدراتهم الجسدية، تحت ظروف صعبة؛ ما يؤثر سلبًا على مستقبلهم.
ويشير مفهوم عمالة الأطفال إلى كل عمل يضر بصحة الطفل أو بنموه أو رفاهيته؛ إذا لم يكن هذا العمل من الأعمال النافعة التي تتناسب مع عمر الطفل، ويساعد على تطوره الجسمي والعقلي والروحي والأخلاقي والاجتماعي، دون أن يؤثر على دراسته أو راحته أو متعته؛ وهنا يجب التمييز بين العمل النافع والعمل الضار.
إن حجم تأثير العمل على نمو الطفل هو المعيار الرئيسي لتحديد متى يصبح العمل مشكلة؛ فقد تنطوي الأعمال غير المناسبة إلى إلحاق الضرر بنمو الطفل جسديًا أو معرفيًا أو عاطفيًا أو اجتماعيًا أخلاقيًا.
وقد اعتبرت منظمة الأمم المتحدة عمل الأطفال استغلاليًا، إذا اشتمل على: أيام عمل كاملة، ساعات عمل طويلة، أعمال مجهدة، العمل والمعيشة في الشوارع في ظروف صعبـة، أجر غير كاف، مسؤوليات تفوق الحد الطبيعي، عمل يؤثر على التعليم، عمل يحط من كرامة الأطفال مثل الاسترقاق، الأعمال التي تحول دون تطور الأطفال الاجتماعي والنفسي.
بما أن عمالة الأطفال والتسرب من المدارس والبطالة والفقر والظروف الاجتماعية القاسية كلها تتداخل مع بعضها وتوثر في بعضها، كما تدور في فلك واحد له انعكاسات خطيرة على المجتمع الفلسطيني فإن تزايد أعداد الأطفال المتسربين من المدارس والملتحقين بالعمل أو المتسربين بدون الالتحاق بالعمل، حسب ما صدر عن الإحصاء المركزي الفلسطيني مطلع عام 2014، أنه في 2011 بلغ عدد الأطفال العمال 65 ألف طفل عامل؛ وازداد عام 2013 إلى 120 ألف طفل عامل).
أن هذه الزيادة الهائلة تدعو للقلق بالتحول من حالة اجتماعية إلى ظاهرة لها تأثيراتها وانعكاساتها على مجمل الحياة الاجتماعية، كون الأطفال هم جنود المستقبل وبناة الوطن في المستقبل.
إن هذه الزيادة تضيف أعدادًا كبيرة من الأميين كما تزيد نسبة المتشردين والمتسولين بالشوارع؛ إذ تنجم عن هذه الظاهرة العديد من الظواهر السلبية والانحرافات باتجاه السرقات والمخدرات؛ وذلك أن نسبة البطالة في مجتمعنا الفلسطيني عام 2013 بلغت 23%، وهي مرشحة للازدياد، فالكثير من أرباب العمل يشغلون الأطفال بسبب تدني أجورهم؛ ومن المحتمل أن تشتد وطأة البطالة، ويكون مآل هؤلاء الأطفال الشوارع والانحراف وانتشار الجرائم؛ فيقعون فريسة للجهل والمرض والجريمة.
الواقع التعليمي للأطفال الفلسطينيين العاملين:
هناك علاقة متينة بين عمل الأطفال ومستوى التعليم وإمكانية الحصول عليه، والظروف الاقتصادية للعائلة، والموقف الاجتماعي من التعليم؛ فعمل الأطفال يستلزم تركهم المدرسة ويجبرهم على الانخراط في سوق العمل. وقد أشارت بيانات مسح القوى العاملة 2012 إلى أن 28.5% من الأطفال غير الملتحقين بمقاعد الدراسة يعملون. وتبقى فرص التحصيل المادي لهؤلاء الأطفال متدنية؛ فيدوم الفقر ويتحول إلى دائرة مفرغة. وقد يضطر أولاد هؤلاء الأطفال عندما يكبرون إلى العمل أيضًا؛ وفي بعض الحالات، قد يشترك الأهل والأطفال في اعتبار التعليم مضيعة للوقت، أو قد يضطر الوالدان أحيانًا إلى “التضحية” بواحد أو اثنين من أولادهم وتركهم دون تعليم، وإرسالهم إلى العمل للمساهمة في نفقات تعليم إخوتهم.
وتعد المصاريف الدراسية، بالنسبة لبعض العائلات خسارة مباشرة (رسوم الدراسة والملابس والكتب) وغير مباشرة (خسارة دخل عمل الأولاد المفترض)؛ الأمر الذي يجعل من ذهاب الأطفال إلى المدرسة عبئًا ثقيلًا بالنسبة للوالدين؛ فضلًا عن أن الأطفال يمكن أن لا يلتحقوا بالمدرسة أصلًا، وقد يتسربون منها لأسباب متعددة مثل:
– إعادة الصف الدراسي نفسه(الرسوب)، وهذه الحالات قد تكون مؤذية للأطفال نفسيًا، أو مكلفة بالنسبة للعائلات الفقيرة.
– العقوبات الجسدية، أو الضرب المتكرر.
– قد يكون توقيت الدراسة غير مناسب مع أوقات عمل الأطفال (كما في الزراعة مثلًا).
– قد يكون موقع المدرسة بعيدًا بالنسبة للأطفال(الفتيات بشكل خاص)، وقد يضاعف من هذه المشكلة فقدان تسهيلات نقل الأطفال في المناطق النائية.
بينت نتائج مسح القوى العاملة 2012، أن 2.2% من الأطفال الملتحقين بالمدرسة يعملون: 3.4% في الضفة الغربية و0.3% في قطاع غزة (4.0%من الذكور، و0.5% من الإناث)، مقابل 28.5% من الأطفال غير الملتحقين بالمدرسة يعملون؛ 34.3% في الضفة الغربية و18.2% في قطاع غزة (35.5% من الذكور، و2.8% من الإناث).
الأطفال العاملون لدى عائلاتهم:
يعتبر عمل الأطفال في الزراعة لدى عائلاتهم الشكل الأكثر شيوعًا من أصناف العمل التي يمارسونها؛ فمعظم الأسر تنتظر من أطفالها الإسهام في المشاريع العائلية، سواء أكان ذلك في المشاركة في نقل الماء أو رعي الماشية، أو قطف المحصول؛ ويمكن أن يصل في نهاية المطاف إلى تكليفهم بالقيام بأعمال أكثر مشقة. ويمكن أن تكون بعض الأعمال مفيدةً للطفل، إذا اقتصرت على مشاركته بقدر معقول من الأشغال المنزلية، أو بعض النشاطات الخفيفة المدرة للدخل؛ فتخلق لديهم الإحساس بقيمتهم وأهميتهم.
بيد أن مشاركة الأطفال في أـشغال العائلة قد تستنزف جهودهم، وتضطرهم أحيانًا إلى قضاء ساعات طويلة بعيدًا عن الدراسة؛ وقد تعرقل نمو أجسامهم الغضة؛ كما يمكن أن تؤدي إلى حرمانهم من التمتع بحقوقهم، وقد تحرمهم من الحصول على الفرصة الكاملة للنماء العقلي أو الوجداني والعاطفي أو السلوكي.
بينت نتائج مسح القوى العاملة 2012، أن:
56.9% من الأطفال العاملين في فلسطين يعملون لدى أسرهم بدون أجر.
وأن 95.5% من بين الإناث يعملن.
وأن 54.0% من بين الذكور يعملون؛ مقابل 37.4% يعملون مستخدمين بأجر لدى الغير.
وأن 2.6% من بين الإناث العاملات يعملن لحسابهن.
و40.0% من بين الذكور العاملين، 5.6% يعملون لحسابهم أو أصحاب عمل.
من جهة أخرى أظهرت النتائج أن:
38.5% من الأطفال العاملين في فلسطين يعملون في قطاع الزراعة؛ 42.9% في الضفة الغربية و12.2% في قطاع غزة. وأن 30.0% يعملون في قطاع التجارة والمطاعم والفنادق؛ 27.9% في الضفة الغربية و42.5% في قطاع غزة، أما العاملون في باقي الأنشطة الاقتصادية الأخرى وتشمل:
التعدين، والمحاجر، والصناعة التحويلية، وقطاع البناء والتشييد، والنقل والمواصلات والاتصالات والخدمات والفروع الأخرى؛ فقد بلغت نسبتهم 31.5%: 29.2% في الضفة الغربية، و45.3% في قطاع غزة.
العوامل التي تحدد مدى انتشار ظاهرة عمالة الأطفال:
1- العوامل الاقتصادية:
يعد الفقر أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة عمالة الأطفال؛ فعمل الأطفال هو سبب للفقر ونتيجة له كذلك؛ إذ إن عمالة الأطفال تعتبر معمل تفريخ يخرج أجيالًا واقعة في مستنقع الجهل، لا تستطيع النهوض بأمتها ولا المساهمة في تطورها؛ لا في ميدان الاقتصاد ولا في غيره من الميادين؛ ما يجعل المجتمع بأسره يقع بين فكي الفقر والجهل. ولا يخفى على أحد أن الأزمات الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد تدفع بالأطفال إلى العمل من أجل الحفاظ على كيان الأسرة وإشباع الحاجات الأساسية لأسرهم؛ ما يجر البلاد نحو هذه الهاوية.
2- العوامل التعليمية:
مما لا شك فيه أن ما تواجهه النظم التعليمية في معظم الدول النامية وفي فلسطين خاصة- يحرم العديد من الأطفال من التعليم، ويزيد من معدلات انخراطهم في سوق العمل، وأهم هذه العوامل:
عدم مناسبة المناهج التعليمية لأعمار الأطفال ونموهم العقلي، وافتقارها إلى أساليب التعليم الحديث، وحشوها بمعلومات هائلة على حساب المهارات والمعلومات الأساسية التي ينبغي التركيز عليها؛ ما يؤدي إلى التسرب من التعليم وارتفاع نسبة الأمية.
ارتفاع نفقات التعليم الجامعي الذي يشكل عبئاً كبيراً على الأسر محدودة الدخل؛ ما يؤدي إلى عزوف الآباء عن تعليم أبنائهم، ودفعهم إلى العمل لمساعدتهم في تحمل أعباء الحياة.
3- العوامل الاجتماعية:
هناك عوامل اجتماعية تؤثر تأثيراً مباشراً في ظاهرة عمالة الأطفال، من أهمها ما يلي:
التفكك الأسري الذي يعد عاملاً مساعداً في بروز ظاهرة عمالة الأطفال. وينتج التفكك عن وفاة أحد الوالدين أو كليها؛ وزواج أحد الوالدين مع عدم القدرة على الإنفاق، والطلاق الذي يضع عبء تعليم الأطفال على عاتق الأم بحكم قوانين الحضانة؛ ما يدفع بالطفل إلى سوق العمل لإعالة نفسه وأسرته.
زيادة عدد أفراد الأسرة وعدم تنظيم النسل؛ ما يثقل كاهل رب الأسرة ويؤدي إلى عجزه عن توفير متطلبات الحياة لأسرته.
بما أن عمالة الأطفال والتسرب من المدارس والبطالة والفقر والظروف الاجتماعية القاسية كلها تتداخل مع بعضها وتوثر في بعضها، كما تدور في فلك واحد لهُ انعكاسات خطيرة على المجتمع الفلسطيني فإن تزايد أعداد الأطفال المتسربين من المدارس والملتحقين بالعمل أو المتسربين بدون الالتحاق بالعمل، حسب ما صدر عن الإحصاء المركزي الفلسطيني مطلع عام 2014، أنه في 2011 بلغ عدد الأطفال العمال 65 ألف طفل عامل؛ وازداد عام 2013 إلى 120 ألف طفل عامل).
معيقات تواجه هيئة التفتيش بشكل عام:
1. ضعف الإمكانيات البشرية لدى هيئة تفتيش العمل؛ فطاقم مفتشي العمل لا يتجاوز 37 مفتشًا وهذا يعد عددًا قليلًا جدًا لا يمكنه القيام بمهام التفتيش بشكل ملائم؛ فالوزارة بحاجة إلى ما لا يقل عن 100 مفتش لتغطية مهام التفتيش؛ بواقع 10 مفتشين لكل محافظة.
2. غياب البرامج التدريبية التي تعزز من قدرات مفتشي العمل وعدم وجود اهتمام كاف من قبل الوزارة بهذا الجانب.
3. ضعف الإجراءات المتخذة من قبل المفتشين؛ ما يؤثر سلبًا على حقوق العمال ومصداقية المفتشين.
4. عدم القدرة على متابعة الإجراءات التي يتم اتخاذها من قبل المفتشين؛ لضعف الإمكانيات وقلة العدد.
5. عدم اكتمال عدد هيئة التفتيش في العديد من المحافظات.
6. عدم توفر وسائل المواصلات الخاصة بالمفتشين للميدان.
7. عدم وجود المحاكم العمالية.
8. قلة أجهزة القياس الخاصة ببيئة العمل وتعطل أو عدم فاعلية جزء منها.
9. ضعف التدريب على الأجهزة المتوفرة لقياس مخاطر بيئة العمل.
10. عدم توفر الاحتياجات المطلوبة من نشرات إرشادية وتعليمات لدى دائرة التوعية والإرشاد ودائرة عمل الأحداث في الوزارة والمحافظات.
11. الشيء المهم جدًا هنا هو عدم وجود مفتشي عمال أحداث؛ مدربين ومؤهلين لهذه المهمة؛ إلا في 3 محافظات، وعددهم 3 مفتشين، وعملهم في التفتيش على العمال الأحداث هو عمل جزئي ويقع ضمن الفعاليات التفتيشية التي يقومون بها على المنشات بشكل عام.
12. عدم تعاون العاملين مع مفتشي العمل وإعطائهم معلومات غير صحيحة.
13. إخفاء أو تهريب العمال الأحداث من أصحاب العمل.
14. عدم تجاوب صاحب العمل؛ وإعطاء معلومات غير صحيحة لمفتش العمل، تفيد بأن الأطفال أو الأحداث الموجودين في المنشأة هم أبناء أصحاب المركبات أو أبناء الزبائن؛ أو أنهم أتوا للتدرب لعدة أيام؛ وأنهم لا يعملون لدى صاحب العمل؛ وهذا ما يؤكده الأطفال والأحداث أنفسهم.
15. استثناء المنشآت العائلية في قانون العمل من التفتيش؛ الأمر الذي يبقي جزءًا كبيرًا من الأحداث والأطفال دون حقوق، ودون متابعة؛ مع العلم أن الأطفال العاملين لدى عائلاتهم يتعرضون لنفس المخاطر والانتهاكات والمشاكل التي يتعرض لها العاملون في المنشات الأخرى.
أن هذه الزيادة الهائلة تدعو للقلق بالتحول من حالة اجتماعية إلى ظاهرة لها تأثيراتها وانعكاساتها على مجمل الحياة الاجتماعية، كون الأطفال هم جنود المستقبل وبناة الوطن في المستقبل.
إن هذه الزيادة تضيف أعدادًا كبيرة من الأميين كما تزيد نسبة المتشردين والمتسولين بالشوارع؛ إذ تنجم عن هذه الظاهرة العديد من الظواهر السلبية والانحرافات باتجاه السرقات والمخدرات؛ وذلك أن نسبة البطالة في مجتمعنا الفلسطيني عام 2013 بلغت 23%، وهي مرشحة للازدياد، فالكثير من أرباب العمل يشغلون الأطفال بسبب تدني أجورهم؛ ومن المحتمل أن تشتد وطأة البطالة، ويكون مآل هؤلاء الأطفال الشوارع والانحراف وانتشار الجرائم؛ فيقعون فريسة للجهل والمرض والجريمة.
وبما أن نسبة التسرب من المدارس آخذة بالازدياد؛ فإن ذلك يحتم ضرورة تسريع التحرك وطني الجاد الذي تتكاتف فيه جهود كل الوزارات والهيئات والمؤسسات المعنية؛ بغية زيادة وعي الأطفال بضرورة إكمال تعليمهم ومنعهم ومن التسرب من المدارس، وتوعيتهم وإرشادهم إلى أمثل الطرق التي تبصرهم بواقعهم ومستقبلهم وحقوقهم.
وعلى المؤسسات الحكومية، وخاصة وزارة العمل، والشؤون الاجتماعية، والصحة والتعليم، زيادة عدد الباحثين والمرشدين والراصدين لهذه الظاهرة؛ حتى يتمكنوا من رصد كافة الحالات من أجل التمكن من وضع الخطط وآليات العمل؛ فقد أوضح تقرير إحصائي لوزارة العمل أعد مطلع عام 2014 م أن عدد العمال الأطفال في سنة 2013 قد بلغ 541 : ذكور 327، وإناث 114؛ وأن عدد الأطفال المعاقين 696: ذكور 542، وإناث 154. وهذه تعتبر إحصائيات ميدانية من مؤسسة مختصة؛ ما يشير إلى العجز الكبير في عدد الباحثين، وضعف التنسيق ما بيت الهيئات المختصة للبحث في قضايا عمالة الأطفال، مثل: الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل والصحة والنيابة العسكرية وباقي المؤسسات الأهلية المختصة؛ ما يشير إلى أن تقصيرًا واضحًا في عمل هذه المؤسسات يلقي بظلاله الكارثية على مستقبل أطفالنا.
أهم الآثار المترتبة على عمالة الأطفال:
• حرمان الطفل من الحصول على قدر مناسب من التعليم.
• حرمان الطفل من التمتع بطفولته.
• التعرض لظروف عمل صعبة، قد لا تناسب حالة الطفل الجسمية والعقلية.
• التعرض لأمراض العمل وإصاباته وأخطاره؛ نتيجة ظروف العمل التي تعرضه للضوضاء، والحرارة الشديدة، والمواد الكيماوية، والمخاطر الميكانيكية والأبخرة والأتربة.
• تفشى بعض العادات السيئة بين الصغار مثل التدخين وتعاطي المخدرات.
• انتهاك حقوق الطفل العامل على أيدي أرباب العمل، واستغلاله بالعمل ساعات طويلة.
• التأثير على طباع الطفل وجعله عدوانيًا؛ يميل إلى العنف ضد المجتمع؛ نتيجة الإحساس بالقهر الاجتماعي.
• قلب ميزان القيم عند الطفل؛ إذ يصبح المال أغلى من بعض ما تعارف عليه المجتمع من القيم النبيلة.
• تعزيز حالة الفقر المجتمعي؛ نتيجة القضاء على فرصة إيجاد قيادات متعلمة قادرة على التخطيط والتنمية لرقي المجتمع.
الأستاذ حسن حجازي حسن شاعر ومترجم مصري
مما لا شك فيه أن انخراط الأطفال والزج بهم في خضم سوق العمل هو نوع من العمالة , أي الخيانة والدناءة والخسة , ربما تدفع الظروف الإجتماعية الآباء والأمهات للزج بالأطفال في سوق العمل , في ظروف بالغة القسوة والسوء , ناهيك عن أسباب مجتمعية خاصة بالجهل والفقر واضمحلال مستوى التعليم , وضعف القوانين الرادعة نحو من يتورط في هذا المسلك .
عوامل الجهل وتفشي الفقر وكثرة النسل كلها عوامل وغيرها تدف الأطفال نحو سوق العمل دون مراعاة لحقوق الطفل النفسية ولا الإجتماعية ولا الجسمية , الأمية وانخفاض الخدمات التعليمية والصحية كلها عوامل مرتبطة بالفقر واضمحلال دور الدولة ومؤسساتها في القيام بواجبها نحو أبسط حقوق الطفل .
أين يعمل الأطفال ؟
في المجتمعات الريفية في الزراعة حيث يلجأ الفلاح لكثرة النسل ليستعين بأطفاله في أعمال الزراعة , في المجتمعات الشعبية حيث يتفشي الفقر وسوء التغذية والفهم الخاطيء لصحيح الدين الحنيف , يدفع الأباء للزج بأطفالهم في العمل في الورش والمصانع وما شابه دون وعى أو إدراك أو فهم لواجبهم تجاه الأطفال ونحو تربيتهم تربية سوية صحيحة . ناهيك عن تفشي حالات الطلاق وترك الزوجة والأبناء الصغار للمجتمع يواجهون مصيرهم المحتوم .
لذا يجب سن القوانين الرداعة لحماية الأطفال , والقضاء على ظاهرة تفشي الأمية والجهل في مجتمعاتنا , ودفع المؤسسات المجتمعية كالمساجد والمدارس والكنائس للقيام بدورها الفعال نحو إلقاء الضوء على أبعاد تلك المشكلة وقيام وسائل الإعلام المختلفة من صحافة مقرؤة ومسموعة
ومرئية للقيام بدورها بصورة أكثر فاعلية نحو مشكلة إنسانية ومجتمعية هامة التي تعتبر قنبلة موقوتة تهدد السلام والأمن الإجتماعي في مصر .
الأستاذة اللبنانية مادونا عسكر
لقد خلّفت الحرب اللّبنانيّة مشاكل عديدة ومستعصية في المجتمع اللّبناني، أهمّها وأخطرها آفة عمالة الأطفال. هذه الآفة الّتي لا يلتفت إليها الإعلام كثيراً ولا يسلّط الضّوء على نتائجها الخطيرة على المجتمع وعلى الوطن. وبوجود دولة هشّة، تتفاقم هذه الآفة لتصبح مهمّشة كلّيّاً مع العلم أنّ لبنان قد التزم في مقدمة دستوره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر العام 1948، والمواثيق الدولية الراعية لهذه الحقوق، ومنها «الإتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل» التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة (في 20/11/1989)، والتي صدّقت عليها الحكومة اللبنانية بتاريخ 20/11/1990. إلّا أنّ الالتزام بهذه الإتفاقيّة ليس جدّيّاً فوصل بنا الأمر إلى أنّ أكثر من مئة ألف طفل يقعون ضحايا عمل الأطفال والاتجار بهم في لبنان. هذا ما تنقله خطة العمل الوطنية الّتي أعدّتها اللّجنة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال ومنظمة العمل الدّولية، عن تقارير تفيد بأنّ» لبنان قد يكون من الدول التي تسجل النسبة الأعلى في العالم للأطفال العاملين بين 10 و17 عاماً. «
إنّ هذه الآفة لا تؤثّر على مجموعة من الأطفال وحسب وإنّما ستؤثّر لاحقاً على المجتمع ككلّ، فهؤلاء الأطفال يتعرّضون باستمرار لاستغلال من أرباب عملهم أو من أيّ شخص كون مكان تواجدهم هو الشّارع دون حسيب أو رقيب. فقد يُورّطون في ارتكاب الجرائم أو ترويج المخدّرات أو الانخراط في شبكات للدّعارة… ناهيك عن المناخات غير الصّحيّة الّتي يعملون فيها ممّا يشكّل خطراً على حياتهم.
1- الأسباب:
– أوّلاً، الوضع الاقتصادي المذري الّذي يعيشه المجتمع اللّبناني والّذي يؤدّي إلى أنّ أكثر من ثلث الشّعب اللّبناني يعيش تحت خطّ الفقر وبالتّالي ستحتاج العائلات الفقيرة إلى تلبية حاجاتها الأساسيّة فتدفع أطفالها للعمل، أو للتّسوّل.
– ثانياً، تعود أسباب هذه الآفة إلى تدنّي مستوى الأهل التّعليمي والثّقافي، ما يؤثّر سلباً على الأطفال، فيُدفعون إلى العمل بدلاً من السّعي إلى تعليمهم وتثقيفهم. وتلحظ خطة العمل الوطنية الّتي أعدّتها اللّجنة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال أنّ نسبة الأطفال الّذين يعملون تتأثر بالمستوى التّعليمي للأم، فترتفع نسبة عملهم حين ينخفض المستوى التعليمي، عندما تكون الأم أمّية وتنخفض عندما تكون الأم حائزة مستوى تعليمياً جامعياً. ما يؤكّد أهمّيّة التّعليم في التّخفيف من هذه الآفة.
– ثالثاً، عدم اهتمام الدّولة بتحسين الظّروف المعيشيّة لهذه العائلات من خلال إيجاد فرص عمل لها بهدف تحسين دخلها كيما تتمكّن من العيش بكرامة. كما أنّها لا تحترم الالتزام بتطبيق القوانين. فالمادة 617 من قانون العقوبات تقضي بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبالغرامة، والدَي القاصر الّذي لم يتمّ الخامسة عشرة من عمره، أو أهله المكلّفين إعالته وتربيته، إذا لم يقوموا بأوده على الرغم من اقتدارهم وتركوه متشرداً. كما عاقبت المادة 617 من القانون ذاته بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة، من دفع قاصراً دون الثامنة عشرة من عمره إلى التّسول جراً لمنفعة شخصية. ولم يشترط القانون ارتكاب هذه الأفعال بنتيجة الفقر والعوز والإهمال، كما لم يشترط ارتكابها من والدي الطفل أو ذويه، فيتحقق الجرم عند ارتكابه من أي شخص دفع قاصر للتسول. ناهيك عن أنّ الدّولة بمكوّناتها السّياسيّة تجنح إلى استغلال هذه الفئة من المجتمع الغارقة في العوز والفقر في سبيل مآرب سياسيّة.
– رابعاً، ازدياد أعداد اللّاجئين السّوريين والعراقيين في لبنان، ولا ننسى اللّاجئين الفلسطينيين المتواجدين في لبنان، فهم أيضاً يرزحون تحت وطأة الفقر والعوز، وعدم قدرة الدّولة اللّبنانيّة على إعانتهم كفايةً. ما يؤدّي إلى تفاقم أعداد الأطفال الّذين يطلبون العمل في سبيل تأمين الحاجات الأساسيّة.
2- الحلول:
تتلاشى هذه الأسباب تدريجيّاً وتظهر الحلول عندما تبدأ الدّولة بالدّرجة الأولى باحترام حقّ هؤلاء الأفراد بالعيش الكريم. فتسعى إلى تطبيق القوانين ومعاقبة الأهل المخالفين لها، والأهمّ تامين فرص عمل تزيد من دخل الأسر حتّى تتمكّن من تأمين حقوقها الأساسيّة كالأكل والمسكن والتّعليم.
بالدّرجة الثّانية، على الدّولة اللّبنانية تشريع قانون معاقبة كلّ والدين يمتنعان عن إدخال أولادهم ما دون الثمانية عشر سنة إلى المدرسة ويحرمانهم من حقّهم في التّعليم. فالتّعليم هو الرّكن الأساس في تركيبة الشّخصيّة الإنسانيّة ونموّها.
بالدّرجة الثالثة، إدخال منهج جديد ضمن المناهج التّعليميّة يعرّف الطّفل وينشّؤه على المطالبة بحقوقه، ولا تكفي بضعة فصول في كتاب التّربية المدنية الّتي تتحدّث عن حقوق الإنسان، بل يجب اعتبار هذه التّنشئة من أهم المواد المدرجة في المنهج التّعليميّ، فيتمكّن الطّفل من معرفة حقوقه ويتعلّم كيفيّة المطالبة بها.
بالدّرجة الثّالثة، تولّي الحركات المدنيّة مسؤوليّة توعية وتثقيف هذه العائلات وإعانتها على إيجاد فرص عمل إذا ما ظلّت الدّولة مستقيلة من مهامها. كما عليها أن تتحمّل المسؤوليّة في تثقيف الأطفال المدفوعين للعمل عنوةً كفعل إنساني وضميري ووطني، في سبيل إنشاء جيل متّزن يؤثّر إيجاباً في بناء المجتمع والوطن.