صدر حديثا للناقدة المصرية الدكتورة رشا غانم كتاب”مقاييس الجمال في مرآة النقد العربي ” عن الهيئة المصرية العامة للكتاب مايو 2016 ويشتمل الكتاب على مقدمة وأربعة فصول في 460 صفحة من القطع المتوسط في نسخة أنيقة ، يتناول الكتاب المقاييس النقدية الجمالية للفنون البلاغية في القرن السابع الهجري وما طرأ عليها قبله، وذلك من خلال كتب النقاد في هذه الفترة الزمنية ؛ وقد تباين اتجاهان فى دراسة هذه الفنون ، أولهما: ينحو بها إلى التحديد والتخصيص باعتبار أن منها ما هو ذو أثر تحسينى فى اللفظ، ومنها ما هو ذو أثر تحسينى فى المعنى، أما ثانيهما: فينحو إلى العموم والاتساع إذ هى فى تصوره تشمل كل فنون البلاغة العربية من معان، وبيان، وبديع كما استقر مصطلح البلاغة العربية فيما بعد0
اهتم النقاد القدامى بفنون حملت بين دفتيها زخائر الشعر الجاهلي والإسلامي ، وقد تباروا فى الكشف عنها، وبيان قيمتها والإكثار من ألوانها، مما أثرى النقد العربى بمادة واسعة من ناحية التعمق فى مظاهر الجمال وأسبابه ، كما اهتمت الدراسة ببيان أن رصد النقاد لها وإلمامهم بها كان نابعًا من نظرات فاحصة متأملة استطاعت أن توظف الفنون البلاغية توظيفًا جمالياً لافتا من خلال مقاييس الجودة والرداءة والتي منها:الطبع والتلاؤم والتناسب، والكلفة المذمومة ،وقد أبانت أن التزام الأديب بما يحقق جودة الصنعة، ويبعده عن افتعالها يعد فى نظر الناقد تناولاً جمالياً للنص الشعرىمما يؤكد أن ميل النقاد إلى إكثارهم من الشواهد الأدبية في معرض درسهم لهذه الفنونلم يكن مجردًا أو جافًا؛ إنما كان عطاءً نقديًا على نحو ما يظهر من تحليلاتهم القيمة التى تربى الذوق البليغ، وتساعد على القول الجميل وقد كشفت الدراسة عن الذوق الفني الذى وصل مداه فى القرن السابع الهجرى، وتعددت أغراضه إلا أنه فى مجمله تقبَّل هذه الفنون، وأبان عن ميسمها وصفاتها على نحو يظهر أنها لم تكن مجرد قوالب يحفظ الشعر من خلالها، إنما كانت نبضات حية تثرى صنعة الشعر.